Next prayer

See more
Activities

Hijrah Celebration 2011 & Return of the Pilgrims

 

الحمدَ للهِ ربِّ العالمين و الصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى ءاله و صحبه الطيبين الطاهرين. أما بعدُ يقولُ اللهُ تعالى في كتابهِ العزيز:

﴿إِلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾

لما بُعِثَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أُمِرَ بالتبليغِ والإنذارِ فظَلَّ أربعةَ عشرَ عامًا يدعو الناسَ إلى الإسلامِ فآمنَ بهِ بعضُ الناسِ كأبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍ وبلالٍ وغيرِهم، وبقِيَ على الكُفرِ أكثرُ الناسِ وصاروا يؤذونَهُ وأصحابَهُ، فلمّا اشتَدَّ عليهِمُ الأذى هاجرَ بعضُ أصحابِ النَّبِيِّ إلى الحبشةِ وكانوا نحوَ ثمانينَ منهم عثمانُ بنُ عفان وجعفرُ بنُ أبي طالب.ولما كثُرَ أنصارُ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ بيثربَ أمرَ اللهُ المسلمينَ بالهجرةِ إليها فخرجوا أَرْسالاً، ثم هاجَرَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ من مكةَ محلِّ ولادَتِه مع أبي بكرٍ الصدّيقِ بعد أن أقامَ في مكّةَ منذُ البِعثةِ ثلاثَ عشرةَ سنةً يدعو إلى التوحيدِ ونبذِ الشِّرْكِ. لم تكن هروبًا من قتال ولا جبنًا عن مواجهة ولا تخاذلاً عن إحقاق حق أو إبطال باطل ولكن هجرة بأمر الله تعالى أعد فيها النبي القائد صلى الله عليه وسلم العدة وهيأ الجند وعاد بهم إلى مكة فاتحًا. ولم تكنْ هجرةُ النبيِّ حُبًّا في الشُهرةِ والجاهِ والسلطانِ فقد ذهبَ إليهِ أشرافُ مكّةَ وقالوا له: إن كنتَ تريدُ بما جئتَ بهِ مالاً جمَعْنا لكَ من أموالِنا حتى تكونَ أكثرَنا مالاً، وإن كنتَ تريدُ مُلْكًا ملَّكناكَ إيّاه ولكنَّ النبيَّ العظيمَ أسمى وأشرفُ من أنْ يكونَ مقصودُه الدنيا. ولهذا كان يقولُ النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلم لعمِّهِ أبي طالب حين أتاهُ يطلبُ منه الكفَّ عن التعرُّضِ لِقَوْمِهِ وما يعبُدُون :“واللهِ يا عمّ لو وضَعُوا الشمسَ في يميني والقمرَ في يَساري على أن أَتْرُكَ هذا الأمرَ ما تركتُهُ حتى يُظهِرَه اللهُ سبحانه وتعالى أو أهْلِكَ دونه”. وبالنبيِّ صلى الله عليه وسلم اقتدى الصحابةُ الأجلاّءُ فقد خرَجَ عمرُ بنُ الخطابِ رضي الله عنه من مكةَ مع أربعينَ من المستضعَفينَ في وضَحِ النَّهارِ ممتشِقًا سيفَهُ ما تجرأَ أحدٌ منهم أن يحولَ دونَهُ ودونَ الهِجرةِ. ثم إنَّ المشركينَ كانوا قد أجمعوا أمرَهم على قتلِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فجَمَعوا من كلِّ قبيلةٍ رجلاً جلدًا نسيبًا وسيطًا ليضرِبوهُ ضربةَ رجلٍ واحدٍ حتى يتفرَّقَ دمُهُ في القبائِلِ.

فأتى جبريلُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فأمرَه أن لا يبيتَ في مضجَعِهِ الذي كانَ يبيتُ فيه وأخبَرَهُ بمَكْرِ القومِ. فدعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عليَّ بنَ أبي طالب فأمرَهُ أن يبيتَ على فِراشِه ويتسَجّى ببُرْدٍ له أخضرَ ففعل، ثمّ خرجَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم على القومِ وهم على بابِه ومعه حُفنةُ ترابٍ فجعل يذرُّها على رُؤوسِهم، وأخذَ اللهُ عز وجلّ بأبصارِهم عنْ نَبِيِّه، وهو يقرأُ ﴿يس وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ﴾ إلى قولِه ﴿فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾ فلمّا أصبَحوا فإذا هم بعليِّ بنِ أبي طالبٍ فسألوهُ عن النبيِّ فأخبرَهُم أنّهُ خرجَ فركِبوا في كلِّ وجهٍ يطلُبونَهُ وكانَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قد سارَ مع أبي بكرٍ رضيَ اللهُ عنه حتى وصلا إلى غارِ ثورٍ فدخلاهُ، وجاءتِ العنكبوتُ فنَسَجَتْ على بابِه، وجاءَتْ حَمامةٌ فباضَتْ ورَقَدَتْ، فلما وصلَ رجالُ قريشٍ إلى الغارِ قال أبو بكر: يا رسولَ اللهِ لو أن أحدَهم ينظُرُ إلى قدميهِ لأبصرَنا تحتَ قدميه. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: “يا أبا بكر ما ظنُّكَ باثنينِ اللهُ ثالثُهما”.

لقد سلَّمَ اللهُ نبيَّهُ الكريمَ من شرِّ المشركينَ فوصلَ إلى المدينةِ المُنَورةِ ومعه صاحبُه فاستقبَلَهُ المؤمنونَ بالفرحِ واستبشروا بقدومِه، وسمَّى الرسولُ يثربَ بالمدينَةِ المنورةِ وءاخى بينَ أهلِها والمهاجِرين، وسمّاهم الأنصارَ، وبنى مسجِدَه ومساكِنَه. وقد استقبلَ الأنصارُ إخوانَهُمُ المهاجرينَ ومدُّوا لهم يدَ المساعَدةِ والعونِ حتى كان الأنصاريُّ يقسِمُ مالَهُ ومتاعَهُ بينه وبين أخيهِ المهاجِر. فحَرِيٌّ بنا أن نقتديَ بهؤلاءِ الأفذاذِ من الناسِ الذين عرفوا معنى الأخوَّةِ الحقيقيَّ فأيَّدهم اللهُ بنصرِه. هجرة النبيِّ صلى الله عليه وسلم فيها فوائد وعِبَر وإنَّ من أخبارِ الهجرةِ قِصّةَ سُراقةَ بنِ مالكٍ بنِ جُعْشم المُدلجيّ الذي لحقَ النبيَّ على فرسٍ له وكان قفّاءً يتَّبِعُ الأثرَ فرءاهُ أبو بكر رضي اللهُ عنهُ فقال لرسولِ اللهِ “هذا الطّلَبُ لحِقَنا” فقالَ صلى الله عليه وسلم لصاحبِهِ أبي بكرٍ:“لا تَحزَنْ إنَّ اللهَ معنا” فلمّا دنا سُراقةُ ساخَتْ بهِ قوائِمُ فرسِهِ إلى رُكبَتَيْهِ في أرضٍ صلبةٍ، فنادى سُراقةُ ” يا محمد ادعُ اللهَ أن يُخَلِّصَني ولكَ عليَّ لأُعمينَّ على من ورائي فدعا له فخَلُصَ، ثم أخبَرَهُ سُراقةُ بما ضمِنَه لهُ قومُه عندَ ظَفَرِهِ بهِ.ثم تركَهُمْ وَرَجَع ولم يُسْلِم حينَها مع أنَّهُ رأى هذه المعجزةَ العظيمةَ لأنَّ اللهَ ما شاءَ له أن يُسْلِمَ في ذلكَ الوقتِ ولكنَّ اللهَ تعالى شاءَ لهُ أن يكونَ من أهلِ السعادةِ فأسلَمَ عامَ الفتح.

إننا في مثلِ هذا الوقتِ نتذكّرُ وفاةَ أميرِ المؤمنينَ عمرَ بن الخطابِ رضي الله عنه الذي كان واحدًا من الذينَ أيَّدهُمُ اللهُ بنصرِه والذي كان واحِدًا من الذينَ صدَقوا ما عاهَدوا اللهَ عليهِ والذي كانَ لا يخافُ في اللهِ لومةَ لائمٍ حتى قال فيه رسولُ اللهِ: “الحقُّ يجري على لسانِ عمرَ وقلبِه”. ففي ءاخرِ شهر ذي الحجةِ من سنةِ ثلاثٍ وعشرينَ حجَّ أميرُ المؤمنينَ عمرُ بنُ الخطابِ رضي الله عنه ثمّ رَجَعَ إلى المدينةِ المنوَّرةِ وفي ختامِها طعَنَهُ أبو لؤلؤَةَ فيروز مملوكُ المغيرةِ بنِ شُعبةَ أصلُه من نهاوند مجوسيٌ، وكان عمرُ رضي الله عنه خرجَ لصلاةِ الصبحِ وقد استوتِ الصفوفَ فدخَلَ الخبيثُ أبو لؤلؤةَ بينَ الصفوفِ وبيدهِ خِنجَرٌ مسمومٌ فضربَهُ بهِ ثلاثَ طعَناتٍ إحداها تحتَ سُرَّتِهِ فمسكوهُ وأُصيبَ من الصحابةِ نحوُ اثني عشر رجلاً ماتَ منهم ستَّةٌ وطعَنَ الخبيثُ نفسَهُ فماتَ وسقطَ عمرُ رضيَ اللهُ عنهُ على الأرضِ وقبلَ وفاتِهِ أرسلَ ابنَهُ عبدَ اللهِ إلى عائشةَ يستأذِنُها بأن يُدْفنَ قربَ صاحِبَيْهِ رسولِ اللهِ وأبي بكرٍ فبكت وأذِنَتْ لهُ وقالت كنتُ أريدُ هذا المكان لنفسي، ولكنّها ءاثَرَتْهُ على نفسِها فدُفِنَ حيثُ أَحَبَّ.

لقد كان عهدُ عمرَ عهدَ عزٍّ وعدلٍ وخيرٍ للمسلمينَ فهو عهدُ الفاروقِ الذي فرَق بينَ الحقِّ والباطِلِ، أمدَّنا اللهُ بأمدادِه. ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اهدِنا وعافِنا واعفُ عنّا، اللهم اجعلنا هداةً مهديين غيرَ ضالّين ولا مضلّين اللهم استر عوراتِنا وءامِنْ رَوْعاتِنا واكْفِنا ما أَهَمَّنا وقنا شرَّ ما نتخوَّفُ يا أرحمَ الراحمينَ إنّك سميعٌ قريبٌ مجيبُ الدعوات.

Related Articles

Back to top button