لماذا المسلمون يحتفلون بالمولد
ماذا عسانا نقول من القول السديد في يوم مولد الحبيب سيدنا محمد، يا رسول الله أيها الفخم الفخم والنبي المعظم والحبيب المكرم يا صاحب الفضل على أمتك، يا من ءاثرت أمتك بدعوتك التى أعطاك ربك فقلت: “لكل نبي دعوة مجابة” فتعجل كل نبي دعوته ولكنك خبأتها شفاعة لهم وذلك من رحمتك بهم، وأنت كما وصفك ربك في كتابه ﴿بالمؤمنين رءوف رحيم﴾ (سورة التوبة) وأنت الذي يقال لك يوم القيامة “يا محمد سل تعطه واشفع تشفع”، وأنت الذي تقول “يا رب أمتي يا رب أمتي” وأنت الذي أرشدت للخير فجزاك الله عن هذه الأمة خير الجزاء.
أيها القائد المعلم في شهر مولدك نذكر عظمتك وفضلك وخلقك ووصف جمالك وجميلك علينا يا نبي الله، يا نبي الله حين يمدحك المادحون ويذكر اسمك الذاكرون تأخذنا الشجون حتى كأن لسان الحال يقول: يا ليتنا نحظى باللقاء ولو بنظرة منك في المنام كما حظي بها سيدنا بلال الحبشي، وقد كان له شرف الاجتماع بك ورؤياك يقظة، ومع ذلك لما شاهد في المنام وجهك الأغر إذ به يصحو من نومه في تلك الليلة وتحدوه الأشواق بوجد يتأجج هائمًا في البطاح يعجل سيره في ليل وصباح ليصل المدينة الغراء فيقف على الأعتاب والعبرات من عينيه تنساب علها تخفف من حرقة في الفؤاد لكن هيهات هيهات فهو الذي وقبل مماته أطلق المقال فقال :”غدا نلقى الأحبة محمدًا وصحبه” غدًا لقاء محمد يوم الجزاء. نحبك يا رسول الله يا حبيب الله ولذلك نعلم أبناءنا اليوم كيف يحتفلون بيوم مولدك. ولماذا نحتفل بهذا اليوم المبارك على أمتنا؟
لأننا نعرف أنك سيد الشاكرين لربك وأنت الشاكر المعلم بشكرك كيف ينبغي أن يكون شكر المؤمن لربه فأنت تصوم يوم مولدك. وقد روى الإمام مسلم عنك أنك سئلت عن صوم يوم الاثنين فقلت: “ذاك يوم ولدت فيه وأنزل علي فيه“.
وأنت سيد المتواضعين، يذكر في هذا اليوم تواضعك وأنت الذي لا تأنف من مجالسة الفقراء والأكل معهم وزيارتهم في بيوتهم سيدي يا صاحب الخلق العظيم.
وفي عمل المولد التذكير بأمور أخرى منها حفظ اسمك ونسبك وانتمائك العربي وأسماء أولادك، وإلا لما قلت “أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد“. نبي الرحمة أنت ونبي التوبة أنت وأنت أبو القاسم أبو الزهراء يا رسول الله. وإلا لماذا قلت “إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى من كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم“؟ أليس لنعلّم أبناءنا ذلك؟
وفي المولد نتعلم ونعلم عن ولادتك وأوصافك لا سيما أوصافك التي من رءاها في المنام له بشرى بالعبور على الصراط ليدخل الجنة بإذن الله تعالى فأنت الذي قلت: “من رءاني في المنام فسيراني في اليقظة“.
وفي المولد قراءة لسيرتك فيذكر أنك تربيت يتيمًا فلا يمنعن يتيم أحد أن يتخلق بأخلاقك ويتأدب بآدابك فترق نفسه وقلبه. وفي قراءة سيرتك نتعلم من تجارتك كيف ظهرت بصدقك البركات فيحتذي بك السالكون الراغبون في الحلال، الطامعون في البركات ولو بالقليل من الأرزاق.
وفي قراءة سيرتك يتعلم الدعاة طرق الدعوة إلى الله وقد بدأته وحيدًا تدعو إلى الإسلام حتى انتشر في أرجاء الجزيرة العربية وحمل اللواء بعدك عليك الصلاة والسلام أصحابك الأعلام حتى بلغوا بهذا الدين الشرق والغرب والله يقول ﴿إنّا فتحنا لك فتحًا مبينا﴾ (سورة الفتح)
وفي قراءة سيرتك تعليم للأمة الالتزام بالأخلاق الحسنة وأنت الذي تقول “إنما بعثتُ لأُتَمّمَ مكارم الأخلاق“.
وفي قراءة سيرتك نعرف أن الدنيا التي نعيش فيها لا تدوم لأحد فلا ينبغي أن نتقاتل عليها، وأنت الذي كنت تنام على الحصير وتربط الحجر على بطنك من الجوع وأنت الذي قلت: “ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما عند الناس يحبك الناس“.
وفي قراءة سيرتك تعليم للأمة كيف يكون التمسك بدينك والسير على نهجك وأنت الذي قلت: “المتمسك بسنتي عند فساد أمتى له أجر شهيد” والسُّنة هنا الشريعة، وغيرها الكثير من المزايا في هذه المناسبة العطرة.
فضلاً عما يحصل في هذا اليوم من البر والإحسان وإطعام الفقراء والمساكين وسماع مدح المادحين له صلى الله عليه وسلم بأفئدة عامرة بحب محمد فتنساب النغمات يسلمون عليه عملاً بما أمر الله ﴿صلوا عليه وسلموا تسليمًا﴾.
لو لم يكن في الاحتفال بالمولد إلا إرغام الشيطان وسرور أهل الإيمان المسلمين لكفى فكيف بنا وقد رأينا هذا الغيض من الفيض.