Message of the President – 1430
إخوة الإيمان والإسلام في كل مكان،
ها هو شهر الرحمات والبركات قد دخل، ونقول لكم تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وأعاننا على قيامه وصيامه، وجعله الله شهر عز ورفعة لجميع المسلمين. إليكم كلمة طيبة لرئيس جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية سماحة الشيخ الدكتور حسام قراقيرة حفظه الله تعالى يهنئ فيها الأمة الإسلامية بقدوم شهر رمضان المبارك نذيعها عليكم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ للهِ الذي أكرَمَنا بحلولِ شهرِ الخيراتِ والإحسان، خيرِ الشهورِ شهرِ رمضان، والصلاةُ والسلامُ على سيد ولدِ عَدْنَان، سيدِ المرسَلِينَ وإمامِ المتَّقين، وعلى إخوانِهِ النبيِّينَ والمرسلين، وعلى أصحابِهِ وأهلِ بيتِه الغرِّ المَيامين.
ها هوَ خيرُ الشهورِ وأفضَلُها، شهرُ رمضانَ المبارك، قَدْ حَلَّ ضيفًا كريمًا فأنعِمْ بِهِ مِن شهرٍ قالَ فيهِ ربُّ العالمين: ﴿ شَهْرُ رَمَضانَ الذي أُنزِلَ فيهِ القُرءان هُدىً للناسِ وبيّناتٍ مِنَ الْهُدى والفُرْقَانِ ﴾. وقالَ صَلّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "مَنْ صامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذنْبِه".
ها هوَ شهرُ رمضانَ المباركُ قدْ أَطَلَّ بأنوارِهِ وفضائِلِهِ فكَمْ هوَ عظيمٌ هذا الشهر، وكَم هيَ فضيلةٌ أيامُهُ ولياليه، وما أشرَفَهُ مِن شهرٍ يَتضَمَّنُ صِدقَ الصائمينَ، وصبرَ المجاهدين، وتضرُّعَ العابِدِين، وتوبةَ التائِبين، وصفاءَ الناسكين.
إنَّهُ الشهرُ الذي جَعَلَهُ اللهُ سبحانَهُ وتعالى أفضلَ الشهور، وجعلَ ليلةَ القدرِ فيهِ خيرَ الليالي. إنَّهُ الشهرُ الذي جعلَ اللهُ أوَّلَهُ رحمةً وأوسَطَهُ مغفِرَةً وءاخِرَهُ عِتقًا مِنَ النار. إنَّهُ الشهرُ الذي يَكثُرُ فيهِ المُقبِلونَ إلى طاعَةِ اللهِ وإلى التوبةِ والإنابةِ الى الله. شهرُ رمضان هوَ شهرٌ لمحاسبةِ النفسِ وتطهيرِها، شهرٌ لتقويمِ النفسِ وإصلاحِها، فَبِصلاحِ الفردِ تُبنى المجتمعاتُ وتَرتَقي المؤسساتُ وتُبْتَرُ الجريمةُ ويَرتاحُ الوطن.
لقد أَهَلَّ علينا شهرُ رمضان بكلِّ ما فيهِ مِنَ الخيرِ والبركاتِ والمناسبات، ففيهِ أُنزِلَ الزبورُ والتوراةُ والإنجيلُ والقرءان، وفيهِ فَتْحُ مكة ومعركةُ بدرٍ الكبرى حيثُ انتصرَ الحقُّ على الباطِل.
إنَّ الصومَ عبادةٌ عظيمةٌ جليلةٌ أودَعَ اللهُ فيها الكثيرَ مِنَ الحِكَمِ والأسرارِ والفَضائِل، فهنيئًا لِمَنْ أدَّى هذهِ العبادةَ كما يُحِبُّ الله وكما يأمُرُ اللهُ سبحانَهُ وتعالى.
فَقُم أيُّها الصائم وشَمّرْ عَن ساعدِ الجِدّ، واجعلِ الأعمالَ الصالحةَ بِضاعَتَكَ، والتقوى زادَك، والتواضُعَ شِعارَك، والتسامُحَ والعفوَ رداءَك، والحِلْمَ واللينَ شِيمَتَك تَحْظَ بِرضى اللهِ وثوابِهِ.
أيها الإخوةُ المؤمِنون،
إنَّ المرءَ يحتاجُ الى غذاءِ الروحِ كما يحتاجُ الى غِذاءِ البَدَن، ويحتاجُ الى محطاتِ تأمُّلٍ ومحاسبةٍ يتزوَّدُ فيها بالزادِ المفيدِ الذي ينفَعُهُ في بقيةِ مسيرَةِ حياتِهِ، وإنَّ شهرَ رمضانَ هوَ مِن أبرزِ هذهِ المحطاتِ التي يَجِدُ فيها الإنسانُ غِذاءَ روحِهِ، ومَنْفَعَةَ نفسِهِ في هذهِ الحياةِ التي تزدادُ فيها يومًا بعدَ يومٍ المتاعِبُ والهمومُ، وتَظْهَرُ الفتَنُ سوداءَ كالِحةً كَسوادِ الليل.
ما أحوَجَنا في شهرِ رمضانَ أنْ نأخُذَ بمحاسنِ الأفعالِ ومكارِمِ الأخلاقِ، وما أحوَجَنا أنْ نتمسَّكَ بالحقّ في هذا الزمنِ الذي انحَرَفَ فيهِ كثيرٌ مِنَ الناسِ عَنِ الحقّ، وأصبحَ الحقُّ عندَ الكثيرِ باطلاً والباطِلُ حقًّا.
وطوبى للمؤمِنِ الذي يشعُرُ في هذا الشهرِ معَ إخوانِهِ الفقراءِ والمساكين، ويعمَلُ على مَد يدِ المساعَدَةِ لهُم وإغاثةِ المَلهوفينَ ونجدَةِ المَكروبينَ ومساعَدَةِ الأرامِلِ والأيتامِ وتطبيقِ ما حثَّنا عليهِ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّم الذي قالَ: "مَثَلُ المؤمنينَ في توادهم وتراحُمِهِم كَمَثَلِ الجَسَدِ الواحِدِ إذا اشتكى مِنهُ عُضْوٌ تداعى لَهُ سائِرُ الجَسَدِ بالسَهَرِ والحُمّى".
أيُّها الإخوةُ الأعزاء،
عامٌ قد مضى على رحيلِ مُحدث العَصْر، الإمامِ المجتَهِدِ العالِمِ الربَّاني، العارِفِ باللهِ، شيخِنِا الشيخِ عبدِ اللهِ الهرري رَحمَاتُ اللهِ عليه. عامٌ قد مضى على وفاةِ مُرشِدِنا وقُرَّةِ أعيُنِنا الذي أفنى عُمُرَهُ في العِلْمِ والتعليم، في الدعوةِ إلى اللهِ، في تعليمِ العقيدةِ الحقَّة، في تعليمِ أمورِ الحلالِ والحَرْام، في نشرِ الفَضيلةِ والأخلاقِ الحميدة.
إنَّهُ العالِمُ الذي ملأَ الدُنيا عِلْمًا، العالِمُ الذي ربَّى طُلابَهُ على الخيرِ وحُب الخيرِ للغير، وعلى حُب الآخِرَةِ والعَمَلِ مِن أجلِها.
إنَّهُ العالِمُ الذي لَم يلتَفِتْ إلى مفاتِنِ الدُنيا وشهواتِها فَلَمْ تَشْغَلْهُ عَنِ العِلْمِ والتعليم. إنَّهُ العالِمُ الذي واجَهَ المصاعِبَ والأذى، وعانى الغُرْبَةَ عَنِ الأهلِ والدار، وكابَدَ المشقَّاتِ بِكُلِّ صبرٍ وحِلْمْ.
إنَّهُ العالِمُ التقِيُّ النَقِيُّ الوَرِعُ الزاهِدُ المتواضِع.
لقد رَحَلَ منذُ عامٍ الوليُّ الصالِحُ الشيخُ عبدُ اللهِ الهرري ولكنْ عِلْمُهُ باقٍ في قلوبِنا، ونَهجُهُ راسِخٌ في مسيرَتِنا، وحُبُّهُ مستوطِنٌ متأصِّلٌ فينا.
ونحنُ اليومَ مُتَمسِّكونَ كلَّ التمسُّكِ بِعِلْمِهِ ونهجِهِ وحُبهِ وبما تَرَكَهُ مِن مؤلَّفاتٍ وتَوجيهاتٍ عامِرَةٍ بالعلمِ والحكمَةِ والموعِظَةِ الحَسَنَة.
إنَّ جمعيةَ المشاريعِ الخيريةِ الإسلاميةِ اليومَ هي كما كانتْ في عَهْدِ مولانا الشيخ عبدِ اللهِ الهرري رحماتُ اللهِ عليهِ، جمعيةُ عِلْمٍ وعَمَل، جمعيةُ اعتدالٍ وَوَسطيَّة، جمعيةُ مؤسساتٍ تَنْضَحُ بالخيرِ والعلمِ والثقافةِ والأخلاق، جمعيةٌ تعمَلُ مِن أجلِ المصالحِ العامة، ومِن أجلِ ما يعودُ على المجتَمَعِ والوطنِ والأمةِ بالخيرِ والمَنْفَعَة.
إنَّ لجمعيةِ المشاريعِ الخيريةِ الإسلاميةِ دورًا مهمًّا في مجالِ العملِ الإسلاميِّ والعملِ الوطني، وعلى الرغمِ مِنَ الفِتَنِ والمِحَنِ وتَبَدُّلِ الأحوالِ لم تُغيِّرِ المشاريعُ منهَجَها ولم تتخَلَّ عَن مبادِئِها.
هكذا هيَ المشاريع جمعيةُ عِلْمٍ ومؤسساتٍ وثبات.
هكذا هيَ المشاريع منارةٌ مشرِقَةٌ ونورٌ في زمَنٍ خيَّمَتْ فيهِ الظُلُمات.
وهكذا هُمُ المشاريعيونَ بالحق متمسِّكونَ كما علَّمَهُم مرشِدُهُم وإمامُهُم وشيخُهُمُ العلامَةُ الهرَرِي رِضوانُ اللهِ عليه.
وأختِمُ بالقولِ:
إنَّ رمضانَ دُرَّةٌ مضيئَةٌ على جبينِ الشهورِ فأهلاً بِهِ ضيفًا كريمًا عَزيزًا.
اللهُمَّ وَفِّقْنا إلى صيامِ هذا الشهرِ الكريم، ووَفِّقْنا إلى الطاعاتِ والخيراتِ والمَبَرّات.
اللهُمَّ صَرِّفْ قلوبَنا إلى طاعَتِكَ وارحَمْنا بِرحمَتِكَ وثبتْنا على الحق.
اللهُمَّ اجعلْنا مِنْ عُتقاءِ هذا الشهرِ المبارَكِ واختِمْ لنا بحُسنِ الخِتام. وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ رب العالمين.
والسلامُ عليكُمْ ورحمَةُ اللهِ وبركاتُه.
وكُلُّ رمضانٍ وأنتُمْ بخير.