إِنَّ الحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ ونَسْتَعِينُهُ ونَسْتَهْدِيهِ ونَشْكُرُهُ، ونَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنا ومِنْ سَيِّئاتِ أَعْمالِنا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومَنْ يُضْلِلْ فَلا هادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ولا مَثِيلَ ولا شَبِيهَ ولا ضِدَّ ولا نِدَّ لَه. وأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنا وحَبِيبَنا وعَظِيمَنا وقائِدَنا وقُرَّةَ أَعْيُنَنا محمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُولُهُ وصَفِيُّهُ وحَبِيبُهُ مَنْ بَعَثَهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ هادِيًا ومُبَشِّرًا ونَذِيرًا بَلَّغَ الرِّسالَةَ وأَدَّى الأَمانَةَ ونَصَحَ الأُمَّةَ وجاهَدَ في اللهِ حَقَّ جِهادِهِ فَجَزاهُ اللهُ عَنّا خَيْرَ ما جَزَى نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيَائِه. اللَّهُمَّ صَلِّ على سَيِّدِنا محمَّدٍ وعَلى ءالِ سَيِّدِنا محمَّدٍ كَما صَلَّيْتَ عَلى سَيِّدِنا إِبْراهِيمَ وعَلى ءالِ سَيِّدِنا إِبْراهِيمَ وبارِكْ عَلى سَيِّدِنا محمَّدٍ وعَلى ءالِ سَيِّدِنا محمَّدٍ كَما بارَكْتَ عَلى سَيِّدِنا إِبْراهِيمَ وعَلى ءالِ سَيِّدِنا إِبْراهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد.
أَمّا بَعْدُ فَيا عِبادَ اللهِ أُوصِيكُمْ ونَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العَظِيم. رَوَى الحافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ في تارِيخِ أَصْبَهانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ جاءَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ إِلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُخاصِمُونَهُ في القَدَرِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآياتُ ﴿إِنَّ ٱلۡمُجۡرِمِينَ فِي ضَلَٰل وَسُعُر٤٧ يَوۡمَ يُسۡحَبُونَ فِي ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمۡ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ ٤٨ إِنَّا كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَٰهُ بِقَدَر ٤٩﴾ .
إِخْوَةَ الإِيمانِ، إِنَّ مِنْ أُصُولِ عَقائِدِ الْمُسْلِمِينَ الإِيمانَ بِقَدَرِ اللهِ سُبْحانَهُ وتَعالى فَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمّا سُئِلَ عَنِ الإِيمانِ قالَ الإِيمانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ ومَلاَئِكَتِهِ وكُتُبِهِ ورُسُلِهِ واليَوْمِ الآخِرِ وتُؤْمِنَ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ اهـ ومَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وتُؤْمِنَ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ أَنْ تُؤْمِنَ أَنَّ كُلَّ ما دَخَلَ في الوُجُودِ مِنْ خَيْرٍ وشَرٍّ فَهُوَ بِتَقْدِيرِ اللهِ الأَزَلِيِّ فَالطاعَةُ الَّتِي تَحْصُلُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ والْمَعْصِيَةُ الَّتِي تَحْصُلُ مِنْهُمْ كُلٌّ بِخَلْقِ اللهِ وإِيجادِهِ إِيّاها وبِعِلْمِهِ ومَشِيئَتِهِ ولَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ اللهَ يَرْضَى بِالشَّرِّ ولا أَنَّهُ يَأْمُرُ بِالـمَعْصِيَةِ إِنَّما الخَيْرُ مِنْ أَعْمالِ العِبادِ بِتَقْدِيرِ اللهِ ومَحَبَّتِهِ ورِضاهُ والشَّرُّ مِنْ أَعْمالِ العِبادِ بِتَقْدِيرِ اللهِ لا بِمَحَبَّتِهِ ورِضاهُ، قالَ الإِمامُ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الَّذِي هُوَ مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ “إِنَّ الوَاجِبَاتِ كُلَّها الَّتِي يَفْعَلُهَا العَبْدُ هِيَ بِأَمْرِ اللهِ تَعالى ومَحَبَّتِهِ وبِرِضائِهِ وعِلْمِهِ ومَشِيئَتِهِ وقَضائِهِ وتَقْدِيرِهِ والْمَعاصِيَ كُلَّها بِعِلْمِهِ وقَضائِهِ وتَقْدِيرِهِ ومَشِيئَتِهِ لا بِمَحَبَّتِهِ ولا بِرِضائِهِ ولا بِأَمْرِهِ” اهـ فَفَرْقٌ أَيُّها الأَحِبَّةُ بَيْنَ الْمَشِيئَةِ وبَيْنَ الأَمْرِ فَاللهُ لَمْ يَأْمُرْ بِالكُفْرِ والْمَعاصِي لَكِنْ كُفْرُ الكافِرِينَ ومَعْصِيَةُ العُصاةِ لا يُمْكِنُ أَنْ يَحْصُلَ شَىْءٌ مِنْها لَوْ لَمْ يَشَإِ اللهُ حُصُولَهُ وإِلاَّ لَوْ كانَ يَحْصُلُ ما لَمْ يَشَإِ اللهُ حُصُولَهُ لَكانَ عاجِزًا مَغْلُوبًا والعَجْزُ عَلى اللهِ مُحالٌ واللهُ تَعالى غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ.
فَالإِيمانُ والطاعاتُ والكُفْرُ والْمَعاصِي كُلُّ ذَلِكَ يَحْصُلُ بِمَشِيئَةِ اللهِ وتَقْدِيرِهِ ولَوْ لَمْ يَشَإِ اللهُ عِصْيانَ العُصاةِ وكُفْرَ الكافِرِينَ وإِيمانَ الْمُؤْمِنِينَ وطاعَةَ الطائِعِينَ لَما خَلَقَ الجَنَّةَ والنّار. ولَيْسَ لِقائِلٍ أَنْ يَقُولَ إِنَّهُ إِذا كانَتِ الْمَعْصِيَةُ بِمَشِيئَةِ اللهِ فَكَيْفَ يُعَذِّبُهُ اللهُ لأَنَّ اللهَ لا يُسْئَلُ عَمّا يَفْعَلُ بَلْ إِذا عَذَّبَ اللهُ تَعالى العَاصِيَ فَبِعَدْلِهِ مِنْ غَيْرِ ظُلْمٍ، وإِذا أَثابَ الْمُطِيعَ فَبِفَضْلِهِ مِنْ غَيْرِ وُجُوبٍ عَلَيْهِ، لأَنَّ الظُّلْمَ إِنَّما يُتَصَوَّرُ مِمَّنْ لَهُ ءامِرٌ وناهٍ ولا ءامِرَ للهِ ولا ناهِيَ لَهُ، فَهُوَ يَتَصَرَّفُ في مُلْكِهِ كَما يَشاءُ لأَنَّهُ خالِقُ الأَشْياءِ ومالِكُها، وقَدْ جاءَ في الحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي رَواهُ أَبُو داوُدَ وغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثابِتٍ حَدَّثَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ إِنَّ اللهَ لَوْ عَذَّبَ أَهْلَ سَماواتِهِ وأَهْلَ أَرْضِهِ لَعَذَّبَهُمْ وهُوَ غَيْرُ ظالِمٍ لَهُمْ ولَوْ رَحِمَهُمْ كانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمالِهِمْ، ولَوْ أَنْفَقْتَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا في سَبِيلِ اللهِ ما قَبِلَهُ اللهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالقَدَرِ، وتَعْلَمَ أَنَّ ما أَصابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ ومَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ ولَوْ مِتَّ عَلَى غَيْرِ هَذا دَخَلْتَ النارَ اهـ
فَكُلُّ ما دَخَل في الوُجُودِ أَيُّها الأَحِبَّةُ وُجِدَ بِمَشِيئَةِ اللهِ وعِلْمِهِ فَلا يَحْدُثُ في العالَمِ شَىْءٌ إِلاَّ بِمَشِيئَتِهِ ولا يُصِيبُ العَبْدَ شَىْءٌ مِنَ الخَيْرِ أَوِ الشَّرِّ أَوِ الصِّحَّةِ أَوِ الْمَرَضِ أَوِ الفَقْرِ أَوِ الغِنَى أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ إِلاَّ بِمَشِيئَةِ اللهِ تَعالى، ولا يُخْطِئُ العَبْدَ شَىْءٌ قَدَّرَ اللهُ وشاءَ أَنْ يُصِيبَهُ وقَدْ رَوَى أَبُو داوُدَ في سُنَنِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَّمَ بَعْضَ بَناتِهِ ما شاءَ اللهُ كانَ وما لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ اهـ فَمَشِيئَةُ اللهِ الأَزَلِيَّةُ نافِذَةٌ لا تَتَخَلَّفُ ولا تَتَغَيَّرُ وكُلُّ ما أَرادَ اللهُ حُصُولَهُ بِمَشِيئَتِهِ الأَزَلِيَّةِ لا بُدَّ أَنْ يَحْصُلَ في الوَقْتِ الَّذِي شاءَ حُصُولَهُ فِيهِ وما لَمْ يُرِدْ حُصُولَهُ فَلا يُوجَدُ ولا يَكُونُ. ولَيْسَ مَعْنَى هَذا أَيُّها الأَحِبَّةُ أَنَّ العِبادَ لا مَشِيئَةَ لَهُمْ بِالْمَرَّةِ كَما قالَتْ فِرْقَةٌ ظَهَرَتْ في الْماضِي وَانْقَرَضَتْ يُقالُ لَها الجَبْرِيَّةُ كانَتْ تَقُولُ إِنَّ العَبْدَ كَالرِّيشَةِ في الهَواءِ لا اخْتِيارَ لَهُ بِالْمَرَّةِ، بَلِ اعْتِقادُ ذَلِكَ تَكْذِيبٌ لِلدِّينِ فَقَدْ قالَ اللهُ تَعالى في القُرْءانِ الكَرِيمِ ﴿وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٢٩﴾ فَأَثْبَتَ اللهُ لِلْعَبْدِ الْمَشِيئَةَ ولَكِنْ تَحْتَ مَشِيئَةِ اللهِ تَعالى ولَيْسَتْ غالِبَةً لِمَشِيئَةِ اللهِ كَما قالَتِ القَدَرِيَّةُ وهِيَ فِرْقَةٌ أُخْرَى انْتَسَبَتْ لِلإِسْلامِ في الْماضِي ولَيْسَ لَهُمْ نَصِيبٌ فِيهِ، قالُوا إِنَّ اللهَ شاءَ الخَيْرَ لِكُلِّ العِبادِ لَكِنْ بَعْضُ العِبادُ عَصَوْا غَصْبًا عَنْ مَشِيئَةِ اللهِ فَجَعَلُوا اللهَ مَغْلُوبًا عاجِزًا والعِياذُ بِاللهِ مِنْ فَسادِ الاِعْتِقادِ، وإِنَّما الحَقُّ والصَّوَابُ أَنَّ العِبادَ لَهُمْ مَشِيئَةٌ واخْتِيارٌ لَكِنْ مَشِيئَتُهُمْ تَحْتَ مَشِيئَةِ اللهِ فَلا أَحَدَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا لَمْ يُرِدِ اللهُ حُصُولَهُ كَما يَدُلُّ عَلى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى في سُورَةِ التَّكْوِيرِ ﴿ وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٢٩﴾ فَهَذِهِ الآيَةُ إِخْوَةَ الإِيمانِ فِيها الرَّدُّ عَلى الجَبْرِيَّةِ الَّذِينَ يَنْفُونَ الْمَشِيئَةَ والاِخْتِيارَ عَنِ العِبادِ بِالْمَرَّةِ وفِيها الرَّدُّ عَلى القَدَرِيَّةِ الَّذِينَ كانُوا يَقُولُونَ بِأَنَّ اللهَ شاءَ لِكُلِّ العِبادِ حَتَّى لِفِرْعَوْنَ أَنْ يَكُونَ مُؤْمِنًا تَقِيًّا وكَذَلِكَ لإِبْلِيسَ ولَكِنَّ الكُفّارَ نَقَضُوا مَشِيئَةَ اللهِ وغَلَبُوها، فَجَعَلُوا اللهَ مَغْلُوبًا واللهُ تَعالى غالِبٌ غَيْرُ مَغْلُوبٍ كَما قالَ تَعالى ﴿وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِۦ﴾ وكَما قالَ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالى ﴿وَلَوۡ شِئۡنَا لَأٓتَيۡنَا كُلَّ نَفۡسٍ هُدَىٰهَا وَلَٰكِنۡ حَقَّ ٱلۡقَوۡلُ مِنِّي لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ ١٣﴾ .
وقَدْ أَخْبَرَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الفِرْقَةِ أَيِ القَدَرِيَّةِ قَبْلَ ظُهُورِهِمْ وحَذَّرَ مِنْهُمْ وبَيَّنَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا مُسْلِمِينَ كَما رَوَى البَيْهَقِيُّ في كِتابِ القَدَرِ وغَيْرُهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قالَ صِنْفانِ مِنْ أُمَّتِي لَيْسَ لَهُمَا نَصِيبٌ فِي الإِسْلامِ القَدَرِيَّةُ والْمُرْجِئَةُ اهـ ورَوَى أَبُو داوُدَ في سُنَنِهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قالَ القَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الأُمَّةِ اهـ وفي رِوايَةٍ لِهَذا الحَدِيثِ لِكُلِّ أُمَّةٍ مَجُوسٌ ومَجُوسُ هَذِهِ الأُمَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ قَدَرَ اهـ فَلا يَجُوزُ الشَّكُّ في زَيْغِ القَدَرِيَّةِ وخَلَفِهِمْ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ ولا بُدَّ مِنَ الحَذَرِ مِنِ اعْتِقادِهِمْ وقَدْ نَصَّ الإِمامُ النَّوَوِيُّ في كِتابِهِ رَوْضَةِ الطالِبِينَ في بابِ الرِّدَّةِ أَنَّ مَنْ قالَ إِنَّهُ يَفْعَلُ شَيْئًا بِغَيْرِ تَقْدِيرِ اللهِ فَهُوَ كافِرٌ بِاللهِ ورَوَى البَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعالى عَنْ سَيِّدِنا عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قالَ “إِنَّ أَحَدَكُمْ لَنْ يَخْلُصَ الإِيمانُ إِلى قَلْبِهِ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ يَقِينًا غَيْرَ شَكٍّ أَنَّ ما أَصابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ وما أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ، ويُقِرَّ بِالقَدَرِ كُلِّهِ” اهـ
اَللَّهُمَّ احْفَظْ لَنا دِينَنا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا وَاهْدِنا وسَدِّدْنا واخْتِمْ لَنا بِالصالِحاتِ أَعْمالَنا.
هَذا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي ولَكُمْ.
الخطبة الثانية
إِنَّ الحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنا وسَيِّئاتِ أَعْمالِنا، مَن يَهْدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَن يُضْلِلْ فَلا هادِيَ لَهُ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ على سَيِّدِنا محمَّدٍ الصادِقِ الوَعْدِ الأَمِينِ وعلى إِخْوانِهِ النَّبِيِّينَ والـمُرْسَلِين وَرَضِيَ اللهُ عَنْ أُمَّهاتِ الْمُؤْمِنينَ وَءالِ البَيْتِ الطَّاهِرينَ وَعَنِ الخُلَفاءِ الرَّاشِدِينَ أَبي بَكْرٍ وعُمَرَ وَعُثْمانَ وَعَلِيٍّ وَعَنِ الأَئِمَّةِ الـمُهْتَدِينَ أَبي حَنِيفَةَ ومالِكٍ والشافِعِيِّ وأَحْمَدَ وَعَنِ الأَوْلِياءِ والصَّالِحينَ أَمَّا بَعْدُ عِبادَ اللهِ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ ونَفْسِيَ بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ فَاتَّقُوهُ.
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ أَمَرَكُمْ بِأَمْرٍ عَظيمٍ، أَمَرَكُمْ بِالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلى نِبِيِّهِ الكريمِ فَقالَ ﴿إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّۚ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيۡهِ وَسَلِّمُواْ تَسۡلِيمًا ٥٦﴾ اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهيمَ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاِهيمَ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. يَقُولُ اللهُ تَبارَكَ وتَعالى ﴿يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمۡۚ إِنَّ زَلۡزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيۡءٌ عَظِيمٌ ١ يَوۡمَ تَرَوۡنَهَا تَذۡهَلُ كُلُّ مُرۡضِعَةٍ عَمَّآ أَرۡضَعَتۡ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمۡلٍ حَمۡلَهَا وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَٰرَىٰ وَمَا هُم بِسُكَٰرَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيد ٢﴾ ، اللَّهُمَّ إِنَّا دَعَوْنَاكَ فَاسْتَجِبْ لَنَا دُعَاءَنَا فاغْفِرِ اللَّهُمَ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالـمُؤْمِنَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ رَبَّنا ءَاتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وقِنَا عَذَابَ النَّارِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُداةً مُهْتَدِينَ غَيْرَ ضالِّينَ وَلا مُضِلِّينَ اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْراتِنا وَءَامِنْ رَوْعاتِنا وَاكْفِنا ما أَهَمَّنا وَقِنَا شَرَّ ما نَتَخَوَّفُ اللَّهُمَّ اجْزِ الشَّيْخَ عَبْدَ اللهِ الهَرَرِيَّ رَحَماتُ اللهِ عَلَيْهِ عَنَّا خَيْرًا.عِبَاد اللهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالـمُنْكَرِ وَالبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُم تَذَكَّرُونَ اُذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ يَزِدْكُمْ وَاسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ وَاتَّقُوهُ يَجْعَلْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مَخْرَجاً، وَأَقِمِ الصَّلاَةَ.