الحَمْدُ للهِ ثُمَّ الحَمْدُ للهِ، الحَمْدُ للهِ وسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى، الحَمْدُ للهِ الواحِدِ الأَحَد، الفَرْدِ الصَّمَد، الَّذِي لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ، ولَمْ يَكُن لَهُ كُفُوًا أَحَد. أَحْمَدُهُ تَعالى وأَسْتَهْدِيهِ وأَسْتَرْشِدُهُ وأَتُوبُ إِلَيْهِ وأَسْتَغْفِرُه، وأَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنا، وسَيِّئاتِ أَعْمالِنا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الـمُهْتَد، ومَن يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا.
والصَّلاةُ والسَّلامُ الأَتَـمّانِ الأَكْمَلانِ عَلى سَيِّدِنا محمَّدٍ سَيِّدِ وَلَدِ عَدْنانَ، مَنْ بَعَثَهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْعالَـمِينَ وخاتَـمًا لِلْأَنْبِيَاءِ والـمُرْسَلِينَ وأَنْزَلَ عَلَيْهِ القُرْءانَ الكِتابَ الـمُبِين، دَعا إِلى اللهِ، وجاهَدَ في سَبِيلِ الله، وحارَبَ الوَثَنِيَّةَ والإِشْراكَ، ودَعا إِلى الإِخْلاصِ في العَمَلِ ونَبْذِ النِّفاق، كانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ جَوّادًا يَحُضُّ عَلى مُساعَدَةِ الـمَساكِينِ والفُقَراء، وأَنْ يَكُونَ الـمَرْءُ مِنْ أَهْلِ البَذْلِ والسَّخاء، بَنَى اللهُ عَلَى يَدَيْهِ أُمَّةً، كانَتْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ فَجَزاهُ اللهُ عَنّا خَيْرَ ما جَزَى نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيَائِه.
وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاّ اللهُ الـمَلِكُ الحَقُّ الـمُبِينُ، وأَشْهَدُ أَنَّ محمَّدًا رَسُولُ اللهِ الصّادِقُ الوَعْدِ الأَمِين، صَلَواتُ رَبِّي وسَلامُهُ عَلَيْهِ وعَلى ءالِهِ وصَحْبِهِ الطَّيِّبِينَ الطاهِرِين.
أَمّا بَعْدُ أَيُّها الأَحِبَّةُ الـمُسْلِمُونَ، يَقُولُ اللهُ تَعالى في القُرْءانِ الكَرِيـمِ ﴿وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّـٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَٰٓئِكَ رَفِيقٗا ٦٩﴾ . هَنِيئًا لِـمَنْ كانَ مِنْ أَحْبابِ اللهِ تَعالى، لِمَنْ تَمَسَّكَ بِأَحْبابِ اللهِ تَعالى، هَنِيئًا لِمَنْ كانَ مُتَّبِعًا لِأَحْبابِ اللهِ تَعالى، هَنِيئًا لِكُلِّ مَنْ دَخَلَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿أَلَآ إِنَّ أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ ٦٢ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ ٦٣ لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ ﴾ ، هَنِيئًا لِمَنْ شَمِلَهُ قَوْلُ اللهِ في الحَدِيثِ القُدْسِيِّ أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ اهـ هَنِيئًا لِمَنْ كانَ مُتَّبِعًا لِآدَمَ ومُوسَى وعِيسَى، هَنِيئًا لِمَنْ كانَ مُتَّبِعًا لِدَاوُدَ وسُلَيْمانَ وأَيُّوبَ ويُونُسَ، هَنِيئًا لِمَنْ هُوَ مُتَّبِعٌ لِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ الاِتِّباعَ الكامِل. الشَّرَفُ الَّذِي يَنالُهُ العَبْدُ إِنَّـما هُوَ لِشَرَفِ ما هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الاِعْتِقادِ والعَمَل، ولا يَنالُ العَبْدُ دَرَجَةً في أَعْلَى عِلِّيِّينَ لِمُجَرَّدِ أَنَّ مَظْهَرَهُ جَمِيلٌ يَسُرُّ الناظِرِين. هَنِيئًا لِمَنِ اسْتَعَدَّ لِـما بَعْدَ الْمَوْتِ وكانَ مِنَ العامِلِينَ في سَبِيلِ الله، هَنِيئًا لِمَنْ كانَ يَبْنِي لِلْمُسْلِمِينَ ولا يَهْدِمُ عَلَيْهِمْ، هَنِيئًا لِمَنْ كانَ عَلى خُطَى النَّبِيِّينَ والصِّدِّيقِينَ والشُّهَداءِ والصّالِحِينَ لِيَكُونَ مَعَهُمْ في أَعْلَى عَلِّيِّين.
إِنَّ العَمَلَ في سَبِيلِ اللهِ تَعالى شَرَفٌ لِلْعامِل. إِنَّ العَمَلَ في سَبِيلِ اللهِ تَعالى يَرْفَعُ شَأْنَ العامِلِ، إِنَّ البِناءَ في سَبِيلِ اللهِ تَعالى يَرْفَعُ دَرَجَةَ العامِلِ ولِذَلِكَ قالَ اللهُ تَعالى في شَأْنِ حَبِيبِهِ محمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ﴿وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ ٤﴾ . الـمَحْبُوبُ عِنْدَ اللهِ الْمَرْضِيُّ عِنْدَ اللهِ أَيْ مَنْ هُوَ في حالَةِ الرِّضَى عِنْدَ اللهِ هُوَ مَنِ الْتَزَمَ شَرْعَ اللهِ أَدَّى الواجِباتِ واجْتَنَبَ الْمُحَرَّمات. هَذا الإِنْسانُ إِذا ماتَ لا يُعَذَّبُ في قَبْرِهِ ولا في ءاخِرَتِه. فَأَنْبِيَاءُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ دَرَجَتُهُمْ أَرْفَعُ الدَّرَجاتِ، لا يُساوِيهِمُ الْمَلائِكَةُ ولا يُساوِيهِمُ الأَوْلِياءُ مِنَ البَشَرِ مَهْما جَدُّوا في الطاعَةِ والعِبادَة، لا يَصِلُ أَبُو بَكْرٍ إِلى دَرَجَةِ عِيسَى أَوْ مُوسَى ولا يَصِلُ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ ولا عُثْمانُ ولا عَلِيٌّ إِلى دَرَجَةِ واحِدٍ مِنَ النَّبِيِّينَ مَهْما جَدَّ في الطّاعَةِ، فَدَرَجَةُ النُّبُوَّةِ لا تَكُونُ بِالاِكْتِساب، بَل اللهُ تَعالى اصْطَفَى مِنْ عِبادِهِ أَحْبابًا لَهُ جَعَلَهُمْ أَنْبِيَاءَ ومُبَشِّرِينَ ومُنْذِرِين، ولِعُلُوِّ دَرَجَةِ مُوسَى بْنِ عِمْرانَ قالَ اللهُ تَعالى في مَدْحِهِ ﴿وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهٗا ٦٩﴾ . عَجَبًا لِأُولَئِكَ الَّذِينَ يَدَّعُونَ التَّصَوُّفَ ويَنْسُبُونَ إِلى نَبِيِّ اللهِ مُوسَى أَنَّهُ لَمّا قالَ لَهُ رَبُّهُ أتَظُنُّ نَفْسَكَ أَفْضَلَ مِنَ الكَلْبِ الأَجْرَبِ قالَ لا، وأَنَّ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ قالَ لَهُ لَوْ قُلْتَ بَلَى لَمَحَوْتُكَ مِنْ دِيوانِ الأَنْبِيَاء. هَلْ يَقُولُ عاقِلٌ مِثْلَ هَذِهِ الرِّوايَةِ الـمَكْذُوبَةِ الـمُفْتَراةِ في حَقِّ نَبِيٍّ مُكَرَّمٍ قالَ اللهُ فِيهِ ﴿وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهٗا ٦٩﴾، مَثَلُ هَؤُلاءِ الناقِلِينَ مَثَلُ هَؤُلاءِ القَصّاصِين، مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفارًا.
أَحْبابُ اللهِ لا يَفْتَرُونَ عَلى أَنْبِيَاءِ الله. أَحْبابُ اللهِ لا يَفْتَرُونَ عَلى الله. أَحْبابُ اللهِ لا يُزَوِّرُونَ كِتابَ الله. كَيْفَ يَكُونُ الـمَرْءُ عِنْدَ رَبِّهِ وَجِيهًا ؟ عُلُوُّ شَأْنِ الـمَرْءِ ورِفْعَةُ دَرَجَتِهِ في الْتِزامِ ما أَمَرَهُ بِهِ رَبُّه. فَلَيْسَ الشَّأْنُ عِنْدَ اللهِ تَعالى أَنْ يَكُونَ الـمَرْءُ جَمِيلَ الصُّورَةِ حَسَنَ الوَجْهِ مُمْتَلِئَ البَطْنِ مُنْتَفِخَ الرَّقَبَةِ مُمْتَلِئَ الجَيْبِ مَلِيئًا بِالـمالِ في مَصارِفَ مُتَعَدِّدَةٍ لِيَصِيرَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهًا، لا، بَلِ الشَّأْنُ عِنْدَ اللهِ تَبارَكَ وتَعالى بِالْتِزامِ شَرْعِ الله .. بَلِ الشَّأْنُ عِنْدَ اللهِ تَعالى بِالْتِزامِ كِتابِ الله .. بَلِ الشَّأْنُ عِنْدَ اللهِ تَعالى بَعْدَ صِحَّةِ الإِيـمانِ بِالقِيَامِ بِـمَصالِحِ الـمُسْلِمِينَ والسَّعْيِ في قَضاءِ حاجاتِ الأَرامِلِ والـمُشَرَّدِينَ والـمَساكِينِ والـمُسْتَضْعَفِين.
أَحْبابُ اللهِ تَعالى أَنْبِيَاؤُهُ وأَتْباعُهُمُ الَّذِينَ كانُوا مُتَّبِعِينَ لَهُمُ اتِّباعًا كامِلا.
الوَجاهَةُ عِنْدَ اللهِ تَعالى لَيْسَتْ بِالـمالِ. رَوَى الإِمامُ مُسْلِمٌ أَنَّ بَغِيًّا مِنْ بَغايا بنِي إِسْرائِيلَ كانَتْ امْرَأَة مُسْلِمَة لَكِنَّها زانِيَةٌ رَأَتْ كَلْبًا يَطُوفُ حَوْلَ بِئْرٍ قَدْ كادَ يَقْتُلُهُ العَطَشُ فَنَزَعَتْ مُوقَها، غَرَفَتْ بِخُفِّها الـماءَ مِنَ البِئْرِ فَسَقَتِ الكَلْبَ فَغَفَرَ اللهُ لَها بِه. فَما بالُ أَقْوامٍ يُعْرِضُونَ عَنْ أَنْ يَكُونُوا مِنَ السَّاقِينَ لِأَرْواحٍ طاهِرَة، لِأَطْفالٍ باكِيَة، لِأَرامِلَ حالَتُهُنَّ يُرْثَى لَها، لِرِجالٍ تَكادُ الدُّمُوعُ تَجْرِي عَلى خُدُودِهِمْ مِنْ كَثْرَةِ الهُمُومِ والـمَصائِبِ والغَلاء.
الوَجِيهُ عِنْدَ اللهِ تَعالى كَما قالَ اللهُ تَعالى عَنْ إِبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ ﴿وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَآ إِبۡرَٰهِيمَ رُشۡدَهُۥ مِن قَبۡلُ وَكُنَّا بِهِۦ عَٰلِمِينَ ٥١﴾ . دَعا قَوْمَهُ إِلى الإِيـمانِ بِاللهِ ونَبْذِ عِبادَةِ الأَصْنامِ فَلَمّا لَمْ يُعْجِبْهُمْ ما دَعاهُمْ إِلَيْهِ مِنَ الإِيـمانِ والتَّوْحِيدِ قالُوا احْرِقُوهُ وانْصُرُوا ءالِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ ولَكِنَّ اللهَ تَعالى وَعَدَهُ نَصْرَهُ الـمُبِينَ فَقالَ ﴿قُلۡنَا يَٰنَارُ كُونِي بَرۡدٗا وَسَلَٰمًا عَلَىٰٓ إِبۡرَٰهِيمَ ٦٩﴾ .
نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلامُ، الوَجِيهُ العَظِيمُ عِنْدَ رَبِّهِ دَعا قَوْمَهُ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عامًا ومَعَ ذَلِكَ كانُوا مَرَّةً قَدْ مَرُّوا بِهِ وهُوَ يَبْنِي السَّفِينَةَ في أَرْضِ العِراقِ قَبْلَ الطُّوفانِ فَضَرَبُوهُ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حَتَّى أُغْمِيَ عَلَيْهِ. قالَ اللهُ تَعالى ﴿وَنُوحًا إِذۡ نَادَىٰ مِن قَبۡلُ فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ فَنَجَّيۡنَٰهُ وَأَهۡلَهُۥ مِنَ ٱلۡكَرۡبِ ٱلۡعَظِيمِ ٧٦﴾ .
الدُّنْيا دارُ بَلاءٍ، قَدْ يُبْتَلَى النَّبِيُّ في مالِهِ وأَوْلادِهِ وصِحَّتِه، وقَدْ يُبْتَلَى الكافِرُ أَوِ السَّفِيهُ أَوِ الرَّذِيلُ في مالِهِ وأَوْلادِهِ وصِحَّتِه، ولَكِنَّ الشَّأْنَ بِالوَجاهَةِ عِنْدَ اللهِ تَعالى لا فِيمَنْ يَتَصَنَّعُ الوَجاهَةَ عَلى جُثَثِ الفُقَراء.
وعَنْ داوُدَ وسُلَيْمانَ يَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وجَلَّ ﴿وَكُلًّا ءَاتَيۡنَا حُكۡمٗا وَعِلۡمٗاۚ وَسَخَّرۡنَا مَعَ دَاوُۥدَ ٱلۡجِبَالَ يُسَبِّحۡنَ وَٱلطَّيۡرَۚ وَكُنَّا فَٰعِلِينَ٧٩﴾ وقالَ أَيْضًا ﴿وَلِسُلَيۡمَٰنَ ٱلرِّيحَ عَاصِفَةٗ تَجۡرِي بِأَمۡرِهِۦٓ﴾ . وقَدْ قالَ أَيْضًا ﴿وَمِنَ ٱلشَّيَٰطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُۥ وَيَعۡمَلُونَ عَمَلٗا دُونَ ذَٰلِكَۖ وَكُنَّا لَهُمۡ حَٰفِظِينَ٨٢﴾ . أَيْ لِنَبِيِّ اللهِ سُلَيْمانَ فَقَدْ أَعْطاهُ اللهُ مُلْكًا لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ومَعَ ذَلِكَ لَـمْ يَنْسَ أَنَّ هَذِهِ النِّعْمَةَ صادِرَةٌ مِنَ اللهِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ العُجْبِ وكانَ مِنْ أَهْلِ العَمَلِ الطَّيِّبِ والإِخْلاصِ والإِحْسانِ فَكانَ وَجِيهًا عِنْدَ اللهِ تَعالى.
لَيْسَ كُلُّ البَشَرِ عِنْدَ اللهِ سَواءٌ. فَلَيْسَ مَنْ عَبَدَ اللهَ كَمَنْ كَفَرَ بِالله. لَيْسَ مَنْ ءامَنَ بِأَنْبِيَاءِ اللهِ كَمَنْ سَبَّ أَنْبِيَاءَ الله. لَيْسَ مَنْ أَحْسَنَ كَمَنْ أَساءَ.
ونَخْتِمُ بِـما أَخْبَرَ اللهُ تَبارَكَ وتَعالى عَنْ قَوْلِ نَبِيِّه نُوحٍ ﴿رَّبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيۡتِيَ مُؤۡمِنٗا وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۖ وَلَا تَزِدِ ٱلظَّـٰلِمِينَ إِلَّا تَبَارَۢا ٢٨﴾ .
أَقُولُ قَوْلِي هَذا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي ولَكُم.
الخطبة الثانية
الحَمْدُ للهِ الواحِدِ الأَحَدِ، الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمِينَ خالِقِ الإِنْسانِ مِنْ طِينٍ، الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدانا لِهَذا وما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاَ أَنْ هَدانا الله. والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلى سَيِّدِنا وحَبِيبِنا وعَظِيمِنا وقُرَّةِ أَعْيُنِنا أَحْمَدَ. أَرْسَلَهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ خاتَـمًا لِلنَّبِيِّينَ والـمُرْسَلِين، بَلَّغَ الرِّسالَةَ وأَدَّى الأَمانَةَ ونَصَحَ الأُمَّةَ فَجَزاهُ اللهُ عَنّا خَيْرَ ما جَزَى نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيَائِه.
أَمّا بَعْدُ عِبادَ اللهِ اتَّقُوا اللهَ في السِّرِّ والعَلَنِ. يَقُولُ اللهُ تَعالى في القُرْءانِ الكَرِيـمِ ﴿يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمۡۚ إِنَّ زَلۡزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيۡءٌ عَظِيمٞ ١ يَوۡمَ تَرَوۡنَهَا تَذۡهَلُ كُلُّ مُرۡضِعَةٍ عَمَّآ أَرۡضَعَتۡ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمۡلٍ حَمۡلَهَا وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَٰرَىٰ وَمَا هُم بِسُكَٰرَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٞ ٢﴾ . وَاعْلَمُوا بأَنَّ اللهَ أَمَرَكُمْ بِأَمْرٍ عَظيمٍ، أَمَرَكُمْ بِالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلى نِبِيِّهِ الكريمِ فَقالَ ﴿إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّۚ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيۡهِ وَسَلِّمُواْ تَسۡلِيمًا ٥٦﴾ . اَللَّهُمَّ صَلِّ على محمَّدٍ وعلى ءالِ محمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ على إبراهيمَ وعلى ءالِ إبراهيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. اللهم وبارِكْ على محمَّدٍ وعلى ءالِ محمَّدٍ كَمَا بارَكْتَ على إِبراهيمَ وعلى ءالِ إبراهيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. اَللَّهُمَّ يا ربَّنَا إِنَّا دَعَوْناكَ فَاسْتَجِبْ لَنَا دُعاءَنَا فَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لَنا ذُنوبَنَا وكَفِّرْ عَنّا سَيِّئاتِنا وارْحَمْنا بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الراحِمِين. اللَّهُمَّ أَصْلِحْ وُلاةَ أُمُورِنا وأَلْهِمْهُمُ الخَيْرَ والرَّشادَ لِـما فِيهِ مَصْلَحَةُ البِلادِ والعِبادِ ورِضاكَ يا رَبَّ العالَمِينَ، اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْ في قُلُوبِهِمْ غِلاًّ لِبَعْضِهِمْ وتَنازُعًا يا أَرْحَمَ الراحِمِين. اللَّهُمَّ عَلِّمْنا ما جَهِلْنا وذَكِّرْنا ما نَسِينا واجْعَلِ القُرْءانَ رَبِيعَ قُلُوبِنا ونُورًا لِأَبْصارِنا وجَوارِحِنا وتَوَفَّنا عَلى هَدْيِهِ وأَكْرِمْنا بِحِفْظِهِ واحْفَظْنا بِبَرَكَتِهِ وبَرَكَةِ نَبِيِّكَ محمَّدٍ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وارْزُقْنا شَفاعَتَهُ يا أَرْحَمَ الراحِمِين. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ والـمُؤْمِناتِ الأَحْياءِ مِنْهُمْ والأَمْواتِ إِنَّكَ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبُ الدَّعَوات. عِبادَ اللهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسانِ وَإِيتَاءِ ذي القُرْبَى وَيَنْهى عَنِ الفَحْشاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. اُذْكُرُوا اللهَ العَظيمَ يذكركم وَاشْكُرُوهُ يَزِدْكُمْ وَاسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ وَاتَّقُوهُ يَجْعَلْ لَكُمْ مِنَ أَمْرِكُمْ مَخْرَجًا، وَأَقِمِ الصَّلاةَ.