كتاب العقيدة والرّدة
[1] – س: ما هو الفرض العيني من علم الدين؟
ج: الفرض العيني من علم الدين هو القدر الذي يجب تعلمه من علم الإعتقاد ومن المسائل الفقهية ومن أحكام المعاملات لمن يتعاطاها وغيرها، كمعرفة معاصي القلب والجوارح كاللسان وغيره، ومعرفة الظاهر من أحكام الزكاة لمن تجب عليه، والحج للمستطيع. قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: “طلب العلم فريضة على كل مسلم” رواه البيهقي
س: من هو المكلف الملزم بالدخول في دين الإسلام والعمل بشريعته؟
ج: المكلف هو البالغ العاقل الذي بلغته دعوة الإسلام، ويكون البلوغ بالنسبة للذكر بحصول أمر من اثنين: رؤية المني أو بلوغ خمس عشرة سنة قمرية، وللأنثى بحصول أمر من ثلاثة: رؤية المني أو دم الحـيض أو بلوغ خمـس عـشرة سـنة قمرية. فمن مات دون البلوغ فليس مكلفاً، ومـن اتصل جنونه من قبل البلوغ إلى ما بعده ومات وهو مجنون فليس مكلفاً، ومن عاش بالغاً ولم يبلغه أصل الدعوة أي: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فليس مكلفاً. قال تعالى: { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً } سورة الإسراء وقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: “رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يعقل” رواه الإمام أحمد
س: ما معنى قول المؤلف: “والتزام ما لزم عليه من الأحكام”؟
ج: معناه أداء الواجبات واجتناب المحرمات، فالعبد التقي هو الذي أدى الواجبات وتجنب المحرمات، ومن مات على ذلك يدخل الجنة من غير سابق عذاب
[4]- س: بين أعلى الواجبات وأفضلها عند الله تعالى
ج: أعلى الواجبات وأفضلها عند الله تعالى الإيمان بالله ورسوله قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: “أفضل الأعمال إيمان بالله ورسوله” رواه البخاري. والإيمان شرط لقبول الأعمال الصالحة، فمن لم يؤمن بالله ورسوله فلا ثواب له أبداً في الآخرة قال الله تعالى: { مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف } سورة إبراهيم
[5]- س: بين أفضلية علم التوحيد على غيره من العلوم
ج: علم التوحيد له شرف على غيره من العلوم لكونه متعلقاً بأشرف المعلومات، وشرف العلم بشرف المعلوم، فلما كان علم التوحيد يفيد معرفة الله على ما يليق به، ومعرفة رسوله على ما يليق به، وتنزيه الله عما لا يجوز عليه، وتبرئة الأنبياء عمالا يليق بهم، كان افضل من علم الأحكام. قال تعالى: { فاعلم أنه لا إله إلاّ الله واستغفر لذنبك } سورة محمد. وقال الإمام أبو حنيفة في كتابه الفقه الأبسط: “إعلم أن الفقه في الدين أفضل من الفقه بالأحكام”. اهـ.
[6]- س: هل يشترط للدخول في دين الإسلام لفظ: أشهد أن لاإله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله؟
ج: لا يشترط هذا اللفظ بعينه، بل لو قال لفظاً يعطي معناه كأن قال: لا إله إلا الله أو: لاربَّ الا الله محمد نبي الله كفى للدخول في الإسلام، ولكن لفظ أشهد أفضل من غيره، لأن معناها اللغوي يتضمن العلم والإعتقاد والإعتراف، ففيها من تأكيد المعنى ما ليس في غيرها
[7]- س: اذكر الدليل على وجود الله
ج: الله موجود لا شكَّ في وجوده، قال تعالى: { أفي الله شك } سورة إبراهيم. أي لا شكَّ في وجوده، وهذا العالم دليل على وجود الله تبارك وتعالى، لأنه لا يصح ُّ في العقل وجود فعل ما من غير فاعل، كما لا يصح وجود نسخ وكتابة من غير ناسخ وكاتب، فهذا العالم لا بدَّ له من خالق من باب أولى وهو الله تعالى
والله موجود لا يشبه الموجودات، موجود بلا كيف ولا مكان، قال الإمام أحمد الرفاعي رضي الله عنه: غاية المعرفة يالله الإيقان بوجوده تعالى بلا كيف ولا مكان
[8]- س: ما معنى أشهد أن لا إله إلا الله إجمالاً؟
ج: معنى أشهد ان لا إله إلا الله إجمالاً: أعترف بلساني وأعتقد بقلبي أن لامعبود بحق إلا الله، أي لا أحد يستحق أن يُتذلل له نهاية التذلل إلا الله، وهذه هي العبادة التي من صرفها لغير الله تعالى صار مشركاً، وليس معناها مجرد النداء أو الإستعانة أو الإستغاثة كما زعم بعض الناس، قال الإمام تقي ّالدين السبكي: “العبادة أقصى غاية الخشوع والخضوع”
[9]- س: ما معنى الواحد إذا أطلق على الله؟
ج: معنى الـواحد أنَّ الله لا شريك له في الألوهـيـة ولا معبود بحـقًٍّ ســــواه، قال الله تعالــى: { وَإِلهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ } سورة البقرة. وقال الإمام أبو حنيفة في الفقه الأكبر: “والله واحد لا من طريق العدد ولكن من طريق أنه لاشريك له”
[10]- س: ما معنى الأحد؟
ج: قال بعض العلماء هو بمعنى الواحد، وقال بعضهم: الأحد هو الذي لا يقبل الإ نقسام، أي ليس جسماً لأن الجسم يقبل الإنقسام عقلاً، والله ليس جسماً. قال تعالى: { قلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ } سورة الإخلاص. وقال تعالى في ذمِّ الكفار: { وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِه ِجُزْءاً } سورة الزخرف، وقال الإمام أبو الحسن الأشعري في كتاب النوادر: من اعتقد أنَّ الله جسم فهو غير عارف بربه وإنه كافر به
[11]- س: ما معنى الأول والقديم إذا أطلقا على الله؟
ج: معنى الأول الذي لا ابتداء لوجوده فهو وحده الأول بهذا المعنى، قال تعالى: { هُوَ اْلأَوََّلُ وَاْلآخِرُ } سورة الحديد، وبمعناه القديم إذا أُطلق على الله تعالى، واجتمعت الأمة على جواز إطلاق القديم على الله، قال ذلك الزبيدي في شرح إحياء علوم الدين
[12]- س: ما معنى الحي في حقِّ الله؟
ج: معنى الحي في حقِّ الله تعالى أنه موصوف بحياة أزلية أبدية ليست بروح ولحم ودم، قال تعالى: { اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ اْلحَيُّ اْلقَيُّومُ } سورة البقرة، وقال تعالى: { وَتوَكَّلْ عَلَى اْلَحيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ } سورة الفرقان
[13]- س: ما معنى القيوم في حق الله؟
ج: قال بعض العلماء: القيوم هو الدائم الذي لا يزول، وقال بعضهم: القيوم أي القائم بنفسه الذي لا يحتاج إلى غيره
[14]- س: ما معنى الدائم في حق الله؟
ج: معنى الدائم الذي لا يلحقه فناء، والفناء مستحيل عقلاً في حقّ الله، فلا دائم بهذا المعنى إلاّ الله، ولا شريك لله تعالى في الدّ يمومية لأن الله دائم بذاته لا شيء غيره أوجب له ذلك، وأما ديمومية غيره كالجنة والنار فهي ليست ذاتية بل هما شاء الله لهما البقاء
[15]- س: ما معنى الخالق؟
ج: معنى الخالق أي الذي أبدع وكوَّن جميع الحادثات، أي أبرزها من العدم إلى الوجود، فلا خلق بهذا المعنى إلاّ لله. قال الله تعالى: { هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اْللهِ } سورة فاطر، أي لا خالق إلاّ الله
[16]- س: ما معنى الرازق في حقِّ الله؟
ج: معنى الرازق الذي يوصل الأرزاق إلى عباده، والرزق هو ما ينفع ولو كان محرماً، قال الله تعالى: { وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها } سورة هود
[17]- س: ما معنى العالم في حق الله؟
ج: معنى العالم أن الله موصوف بعلم أزلي أبدي لا يتغير، فهو عالم بكل شيء قبل حصوله، قال الله تعالى: { وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلاّ هوَ ويعلم ما في البرِّ والبحر وما تسْقُطُ من ورقةٍ إلاّ يعلمها ولا حبَّةٍ في ظلمات الأرض ولا رطْبٍ ولا يابسٍ إلاّ في كتابٍ مبين } سورة الأنعام
[18]- س: ما معنى القدير في حق الله؟
ج: معنى القدير المتَّصف بالقدرة، وهي صفة أزلية أبدية يؤثر الله بها في الممكنات أي في كلِّ ما يجوز في العقل وجوده وعدمه، فقدرة الله لا تتعلق بالواجب الوجود ولا بالمستحيل الوجود، قال تعالى: { ويعلم ما في السموات وما في الأرض والله على كلّ شيء قدير } سورة ءال عمران
[19]- س: بيّن أقسام الحكم العقلي
ج: الحكم العـقلي ينقسم إلى ثلاثة: الوجوب والإستحالة والجواز
الواجب العـقلي: ما لا يُتصوّر في العـقل عدمه، وهو الله تعالى وصفاته
والمستحيل العـقلي: ما لا يتصور في العـقل وجوده، كوجود الشَّريك لله
والجائز العـقلي: ما يتصور في العقل وجوده تارة وعده تارة أخرى كسائر المخلوقات
[20]- س: ما معنى أنّ الله فعّال لما يريد؟
ج: معنى الفعّال لما يريد أنّ الله قادر على تكوين ما سبقت به إرادته، لا يعجزه عن ذلك شيء، ولا يمانعه أحد، ولا يحتاج إلى استعانة بغيره. قال الله تعالى: { ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكنّ الله يفعل ما يريد } سورة البقرة. وقال تعالى: { إنّ ربّك فعّال لما يريد } سورة هود
[21]- س: أعْطِ شرحاً موجزاً لكلمة: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن
ج: معناها أنّ كلّ ما أراد الله وجوده لا بدّ أن يوجد في الوقت الذي شاء الله وجوده فيه، سواء في ذلك الخير والشر والطاعة والمعـصية والكفر والإيمان، وما لم يرد الله وجوده لا يدخل في الوجود، فلا يوجد ولا يكون. ومشيئة الله أزلية أبدية لا تتغير، وهذا اللفظ مأخوذ عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، روى ذلك أبو داود في سننه أنه صلَّى الله عليه وسلَّم علّم بعض بناته: “ما شاء الله كان ومالم يشأ لم يكن”
والمشيئة هي: تخصيص الممكن ببعض ما يجوز عليه دون بعض
[22]- س: ما معنى: لا حول ولا قوة إلاّ بالله؟
ج: معنى لا حول ولا قوة إلاّ بالله: لا حول عن معصية الله إلاّ بعصمة الله ولا قوة على طاعة الله إلاّ بعون الله، جاء تفسيرها في حديث رواه أبو يعلى بإسناد حسن عن ابن مسعود عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد ثبت أنّه صلَّى الله عليه وسلَّم رغَّب فيه
[23]- س: الله تعالى موصوف بكلّ كمال يليق به، لماذا قُيّدت كلمة “كمال” بعبارة يليق به؟
ج: إنما قيدت هذه العبارة بلفظ يليق به لأنّ الكمال إما أن يكون كمالاً في حقّ الله وفي حقّ غيره كالعلم، وإما أن يكون كمالاً في حقّ غيره وليس كمالاً في حقّه كالوصف برجاحة العقل، وقد يكون الوصف مدحاً لله تعالى وذماً في حقّ الإنسان وذلك كالوصف بالجبّار هو مدح في حقّ الله وذمٌّ في حقّ الإنسان، ومعنى الجبار إذا أُطلق على الله الذي لا تناله الأيدي ولا يقع في ملكه غير ما أراد
[24]- س: تكلّم عن تنزيه الله عن النَّقائص
ج: الله تعالى متصف بكل كمال في حقه، وهو منزه عن كل نقص أي ما لا يليق به تعالى كالجهل والعجز والمكان والحيّز واللون والحد، قال الإمام ابو جعفر الطحاوي المتوفى سنة 322هـ: “تعالى -الله- عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات”، ومعناه لا يجوز على الله أن يكون محدوداً، فإذاً هو منزه عن أن يكون جالساً لأن المتصف بالجلوس لا بد أن يكون محدوداً قال الإمام علي رضي الله عنه: “إن الله خلق العرش إظهاراً لقدرته ولم يتخذه مكاناً لذاته”. ذكره الإمام أبو منصور البغدادي في كتاب الفرق بين الفرق بعد أن نقل الإجماع على تنزيه الله عن المكان والحد
[25]- س: ما معنى قوله تعالى: { ليس كمثله شيء } سورة الشورى؟
ج: معناه أن الله لا يشبه شيئاً من اللطائف والكثائف والعلويات والسفليات، قال تعالى: { ولم يكن له كُفُواً أحد } سورة الإخلاص، أي لا نظير لله بوجه من الوجوه، قال الإمام ذو النون المصري والإمام أحمد رحمهما الله: مهما تصوّرت ببالك فالله بخلاف ذلك، وقال الإمام أبو جعفر الطحاوي في عقيدته: ومن وصف الله بمعنىً من معاني البشر فقد كفر
[26]- س: تكلم عن صفتي السمع والبصر لله تعالى
ج: قال الله تعالى: { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } سورة الشورى. فالله تعالى وصف نفسه بأنه ليس كمثله شيء وأنه سميع بصير، نفى أولاً أن يكون مشابهاً للحوادث بوجه من الوجوه، ثم وصف نفسه بأنه سميع بصير، فهذا يدل على أن سمع الله لا يشبه سمع المخلوقات وبصره لا يشبه بصر المخلوقات، وكذلك سائر صفات الله لا تشبه صفات خلقه، فالله تعالى يسمع كل المسموعات من غير حاجة إلى أذن أو ءالة أخرى، وهو سبحانه يرى كلّ المبصَرات من غير حاجة إلى حدقة ولا إلى شعاع ضوء
[27]- س: تكلم عن قول المؤلف: فهو القديم وما سواه حادث وهو الخالق وما سواه مخلوق
ج: يجب الإعتقاد أن الله وحده القديم الذي لا ابتداء لوجوده وأن كل ما سواه حادث، فكل حادث دخل في الوجود من الأعيان والأعمال من الذرة إلى العرش ومن كل حركة للعباد وسكون والنوايا والخواطر هو بخلق الله لم يخلقه احد سوى الله، لا طبيعة ولا علة، بل دخوله في الوجود بمشيئة الله وقدرته بتقديره وعلمه الأزلي لقوله تعالى: { وخلق كل شيء } سورة الفرقان. قال الإمام النسفي: “فإذا ضرب إنسان زجاجاً بحجر فكسره فالضرب والكسر والإنكسار بخلق الله تعالى”
[28]- س: تكلم عن صفة الكلام لله تعالى
ج: قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه في كتابه الفقه الأبسط: “ويتكلم لا ككلامنا، نحن نتكلم بالآلات من المخارج والحروف والله متكلم بلا ءالة ولا حرف”.
فالله تعالى متكلم بكلام لا يشبه كلامنا، ليس لكلامه ابتداء وليس له انتهاء لا يطرأ عليه سكوت أو تقطع لأنه ليس حرفاً ولا صوتاً، وإنما هو صفة له تعالى لا يشبه كلام المخلوقين. قال الله تعالى: { وكلّم الله موسى تكليماً } سورة النساء
[29]- س: تكلم عن قول المؤلف: لأنه سبحانه مباين لجميع المخلوقات في الذات والصفات والأفعال
ج: الله تعالى مباين أي غير مشابه لجميع المخلوقات في الذات أي ذاته لا يشبه ذوات المخلوقات، والصفات أي صفاته لا تشبه صفات المخلوقات، والأفعال أي أفعاله لا تشبه أفعال المخلوقات لأن فعل الله تعالى أزلي أبدي والمفعول حادث، قال الله تعالى: { ولله المثل الأعلى } سورة النحل. أي الوصف الذي لايشبه وصف غيره، وقال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه والبخاري رحمهما الله تعالى: “فعله تعالى صفة له في الأزل والمفعول حادث”
[30]- س: ما معنى قول المؤلف عن الله: سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً؟
ج: معنى سبحانه تنزيهاً، أي تنزيه الله تعالى، ومعنى تعالى: تنزّه، وهو تبارك وتعالى متعال أي متنزه عما يقول الظالمون أي الكافرون، لأن الكفر هو أعلى الظلم وأكبره وأشده، قال تعالى: { والكافرون هم الظالمون } سورة البقرة
[31]- س: قال العلماء بوجوب معرفة ثلاث عشرة صفة لله تعالى، ما هي هذه الصفات؟
ج: يجب وجوباً عينياً معرفة ثلاث عشرة صفة لله تعالى تكرر ذكرها في القرآن إما لفظاً وإما معنى كثيراً وهي
الوجود
الوحدانية
القدم أي الأزلية
البقاء
قيامه بنفسه
القدرة
الإرادة
العلم
السمع
البصر
الحياة
الكلام
تنـزهه عن المشابهة للحادث
[32]- س: تكلم عن أزلية صفات الله تعالى
ج: لما ثبتت الأزلية لذات الله تعالى وجب أن تكون صفاته أزلية، لأن من كانت صفاته حادثة فذاته لا بد أن يكون حادثاً، قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه في الفقه الأبسط: “فصفاته غير مخلوقة ولا محدثة، والتغير والإختلاف في الأحوال يحدث في المخلوقين، ومن قال إنها محدثة أو مخلوقة أو توقف فيها أو شك فيها فهو كافر”
[33]- س: ما معنى شهادة أن محمداً رسول الله؟
ج: ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله: أعترف بلساني وأذعن بقلبي أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم مرسل من عند الله إلى كافة العالمين من إنس وجن، صادق في كل ما يبلغه عن الله تعالى ليؤمنوا بشريعته ويتبعوه، قال الله تعالى: { تبارك الذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً } سورة الفرقان
[34]- س: أذكر بعض نسب النبي ومن أي قبيلة هو؟ وأين ولد وأين مات ودفن؟
ج: هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي صلى الله عليه وسلم، ولد بمكة في شهر ربيع الأول في عام الفيل، ونزل عليه الوحي بالنبوة وهو فيها وكان عمره أربعين سنة، وهاجر إلى المدينة بعد نزول الوحي بثلاث عشرة سنة، ومكث فيها عشر سنين، توفي بعدها صلى الله عليه وسلم ودفن في المدينة المنورة في حجرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أي دفن حيث مات صلى الله عليه وسلم
[35]- س: إشرح قول المؤلف في معنى الشهادة الثانية: ويتضمن ذلك أنه صادق في جميع ما أخبر به وبلغه عن الله تعالى
ج: يجب الإعتقاد أن النبي صلى الله عليه وسلم صادق في جميع ما أخبر به عن الله تعالى، سواء كان من أخبار الأمم والأنبياء وبدء الخلق أومما أخبر به مما يحدث في هذه الدنيا وفي الآخرة، أو من التحليل أو التحريم لبعض أفعال وأقوال العباد، قال الله تعالى: { وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحيٌ يوحى } سورة النجم
[36]- س: تكلم عن عذاب القبر
ج: يجب الإيمان بعذاب القبر، فالكافر المكلف الذي مات من غير توبة من كفره يعذب في قبره، فمن ذلك عرض النار عليه كل يوم مرتين مرة أول النهار ومرة آخره، وتضييق القبرعليه حتى تختلف أضلاعه، وضرب الملكين منكر ونكير له بمطرقة من حديد بين أذنيه، وغير ذلك من العذاب، وكذلك بعض عصاة المسلمين الذين ماتوا من غير توبة يعذبون في قبورهم عذاباً أقل من عذاب الكفار، فيصيبهم مثلاً ضغطة القبر والإنزعاج من ظلمته ووحشته
ومن أنكر عذاب القبر كفر. قال تعالى: { النار ُ يُعرَضون عليها غدوّاً وعشياً ويوم تقوم الساعة أَدخلوا آل فرعون أشد العذاب } سورة غافر. وقال صلى الله عليه وسلم: “إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد؟ فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال له: أنظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعداً من الجنة، فيراهما جميعاً، وأما الكافر أو المنافق فيقول: لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيه، فيقال لا دريت ولا تليت، ثم يضرب بمطرقة من حديد بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين”. رواه البخاري ومسلم عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم
[37]- س: تكلم عن نعيم القبر
ج: يجب الإيمان بنعيم القبر فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك ومنه توسيع القبر سبعين ذراعاً في سبعين ذراعاً للمؤمن التقي ومن شاء الله له من غير الأتقياء كبعض الشهداء ممن نالوا الشهادة ولم يكونوا أتقياء، وتنويره بنور يشبه نور القمر ليلة البدر، وغير ذلك كشم رائحة الجنة، قال صلى الله عليه وسلم: “إذا قبر الميت أو الإنسان أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما منكر وللآخر نكير فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد، فهو قائل ما كان يقول، فإن كان مؤمناً قال: هو عبد الله ورسوله أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فيقولان له إن كنا لنعلم أنك لتقول ذلك، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعاً في سبعين ذراعاً، وينور له فيه، فيقال له: نم فينام كنوم العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله، حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك”. رواه ابن حبان
[38]- س: تكلم عن سؤال الملكين منكر ونكير
ج: يجب الإيمان بسؤال الملكين منكر ونكير وهو يحصل للمؤمن والكافر من أمة الدعوة، ثم المؤمن الكامل لا يلحقه فزع ولا انزعاج من سؤالهما لأن الله يثبت قلبه فلا يرتاع من منظرهما المخيف، لأنهما كما جاء في الحديث أسودان أزرقان، ويستثنى من السؤال الطفل والشهيد وكذلك الأنبياء، والمراد بالطفل: من مات دون البلوغ، وبالشهيد شهيد المعركة
[39]- س: تكلم عن البعث
ج: البعث هو خروج الموتى من القبور بعد إعادة الجسد الذي أكله التراب إن كان من الأجساد التي يأكلها التراب وهي أجساد غير الأنبياء وشهداء المعركة، وكذلك بعض الأولياء لا يأكل التراب أجسادهم. قال تعالى: { وأنّ الساعة ءاتية ٌ لا ريب فيها وأنّ الله يبعث من في القبور } . سورة الحج
[40]- س: ما هو الحشر؟
ج: الحشر هو سوق من يخرج من القبور إلى الموقف، والناس في الحشر يكونون على ثلاثة أحوال، فقسم منهم كاسون راكبون طاعمون وهم الأتقياء، وقسم حفاة عراة وهم الفاسقون، وقسم حفاة عراة يجرون على وجوههم وهم الكفار، فالإنس يحشرون وكذلك الجن والوحوش، قال تعالى: { واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون } سورة البقرة وقال تعالى: { ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عمياً وبكماً وصما ً } سورة الإسراء وقال تعالى: { وإذا الوحوش حشرت } سورة التكوير
[41]- س: تكلم عن يوم القيامة
ج: القيامة أولها من خروج الناس من قبورهم إلى استقرار أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار، ومقدار القيامة خمسون ألف سنة مما نعد. قال الله تعالى: { في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة } سورة المعارج
[42]- س: تكلم عن الحساب
ج: الحساب هو عرض أعمال العباد عليهم وتوقيفهم عليها بعد أخذهم كتبهم، فأما المؤمن فيأخذ كتابه بيمينه، وأما الكافر فيأخذ كتابه بشماله من وراء ظهره. وهذا الكتاب هو الكتاب الذي كتبه الملكان رقيب وعتيد في الدنيا، قال تعالى: { فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حساباً يسيراً وينقلبُ إلى أهله مسروراً وأما من أوتي كتابه وراء ظهره فسوف يدعو ثبوراً ويصلى سعيراً } سورة الإنشقاق
[43]- س: ما معنى الثواب والعذاب؟
ج: الثواب هو الجزاء الذي يجازاه المؤمن في الآخرة مما يسره، وأما العذاب فهو ما يسوء العبد ذلك اليوم من دخول النار وما دون ذلك
[44]- س: تكلم عن الميزان
ج: يجب الإيمان بالميزان وهو جرم كبير له قصبة وكفتان يوزن عليه الأعمال، قال تعالى: { والوزن يومئذ الحق } سورة الأعراف. فالكافر ليس له حسنات يوم القيامة إنما توضع سيئاته في كفة من الكفتين، وأما المؤمن فتوضع حسناته في كفة وسيئاته في الكفة الأخرى، فإن رجحت حسناته على سيئاته يدخل الجنة من غير عذاب، وإن رجحت سيئاته فهو تحت مشيئة الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه ثم أدخله الجنة بعد ذلك. قال تعالى: { فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية وأما من خفت موازينه فأمه هاوية } سورة القارعة
[45]- س: تكلم عن النار.
ج: يجب الإيمان بالنار أي جهنم وبأنها مخلوقة الأن، قال تعالى: { أعدت للكافرين } سورة البقرة، وهي أقوى وأشد نار خلقها الله، ومركزها تحت الأرض السابعة، وهي باقية إلى ما لا نهاية له، قال تعالى: { إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيراَ خالدين فيها أبداً لا يجدون ولياً ولا نصيراً } سورة الأحزاب
[46]- س: تكلّم عن الصراط
ج: الصراط هو جسر يمد على ظهر جهنم يرده الناس، أحد طرفيه في الأرض المبدلة والطرف الآخر فيما يلي الجنة بعد النار، فيمرُّ الناس فيما يحاذي الصراط
والمؤمنون حينئذٍ قسم منهم لا يدوسون الصراط إنّما يمرُّون في هوائه طائرين، ومنهم من يدوسونه، ثم هؤلاء قسم منهم يُوقعون فيها، وقسم ينجيهم الله فيخلصون منها. وأما الكفّار فكلهم يتساقطون فيها قال الله تعالى: { وإن منكم إلا واردها } سورة مريم، والورود نوعان: ورود مرور في هوائها، وورود دخول.
[47]- س: تكلم عن الحوض
ج: الحوض هو مكان أعد الله فيه شراباً لأهل الجنة يشربون منه قبل دخول الجنة فلا يصيبهم بعد ذلك ظمأ، ولكل نبي من أنبياء الله حوض تشرب منه أمته، وأكبر الأحواض هو حوض نبينا صلى الله عليه وسلم، وعليه أكواب بعدد نجوم السماء، وينصبّ فيه من ماء الجنة
[48]- س: تكلم عن الشفاعة
ج: الشفاعة هي طلب الخير من الغير للغير، والشفاعة تكون للمسلمين فقط، فالأنبياء يشفعون وكذلك العلماء العاملون والشهداء والملائكة. قال صلى الله عليه وسلم: “شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي” رواه الحاكم وصححه. فلا شفاعة للكفار يوم القيامة قال تعالى: { ولا يشفعون إلا لمن ارتضى } سورة الأنبياء
[49]- س: تكلم عن الجنة
ج: هي دار السلام، وهي مخلوقة الأن، قال تعالى: { وسارعوا إلى مغفرةٍ من ربكم وجنة ٍعرضها السماوات والأرض أُعدت للمتقين } سورة آل عمران. وهي باقية إلى ما لا نهاية قال الله تعالى: { ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم } سورة النساء. وأكثر أهلها من الفقراء، قال صلى الله عليه وسلم: “دخلت الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء..” الحديث. وقد أعد الله لعباده الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، قال صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: “أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر”، رواه البخاري
[50]- س: تكلم عن رؤية الله تعالى بالعين في الآخرة
ج: يجب الإيمان بأن الله يُرى في الآخرة، يراه المؤمنون وهم في الجنة بأعين رؤوسهم بلا كيف ولا مكان ولا جهة، قال تعالى: { وجوه يومئذ ناضرة. إلى ربها ناظرة } سورة القيامة. وقال صلى الله عليه وسلم: “إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر لا تُضامون في رؤيته”، رواه مسلم فالنبي صلى الله عليه وسلم شبه رؤيتنا لله من حيث عدم الشك برؤية القمر ليلة البدر، ولم يشبه الله تعالى بالقمر. قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه في الفقه الأكبر: “والله تعالى يُرى في الآخرة، يراه المؤمنون وهم في الجنة بأعين رؤوسهم بلا تشبيه ولا كيفية ولا كمية ولا يكون بينه وبين خلقه مسافة”
[51]- س: تكلم عن الإيمان بالملائكة
ج: يجب الإيمان بالملائكة أي بوجودهم وأنهم عباد مكرمون، ليسوا ذكوراً ولا إناثاً لا يأكلون ولا يشربون ولا ينامون، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، قال تعالى: { عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يُؤمرون } سورة التحريم. والذي يقول إن الملائكة إناث حكمه التكفيرُ قال تعالى: { إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمّون الملائكة تسمية الأنثى } سورة النجم، وقد يتشكلون بصورة الرجال من غيرءالة الذكورية
[52]- س: تكلم عن الإيمان بالرسل
ج: يجب الإيمان برسل الله أي أنبيائه من كان رسولاً ومن لم يكن رسولاً، وأولهم ءادم عليه السلام وءاخرهم محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى: { لا نفرّق بين أحدٍ من رسُله } سورة البقرة
[53]- س: ما الفرق بين النبي غير الرسول والنبي الرسول؟
ج: النبي غير الرسول هو إنسان أوحي إليه لا بشرعٍ جديد، بل أوحي إليه باتباع شرع الرسول الذي قبله، والرسول من أوحي إليه بشرعٍ جديد، وكلاهما مأمور بالتبليغ، قال تعالى: { كان الناس أمةً واحدةً فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين } سورة البقرة
[54]- س: تكلم عن الإيمان بالكتب السماوية
ج: يجب الإيمان بالكتب السماوية المنزلة على رسل الله، وهي كثيرة أشهرها: القرءان والتوراة والإنجيل والزبور، وعدد الكتب السماوية مائة وأربعة كما نقل ذلك الشيخ شمس الدين الرملي في كتاب نهاية المحتاج في شرح المنهاج
[55]- س: تكلم عن الإيمان بالقدر خيره وشره
ج: يجب الإيمان بالقدر خيره وشره، أي أن كل ما دخل في الوجود من خير وشر فهو بتقدير الله الأزلي، فالخير من أعمال العباد بتقدير الله ومحبته ورضاه، والشر من أعمال العباد بتقدير الله لا بمحبته ورضاه، قال صلى الله عليه وسلم: “الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره” رواه مسلم
[56]- س: تكلم عن بعض ما يتعلق بالإيمان برسالة نبينا صلى الله عليه وسلم
ج: يجب الإيمان برسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وبأنه خاتم النبيين أي ءاخرهم، قال تعالى: { وخاتم النبيين } سورة الأحزاب. وقال صلى الله عليه وسلم: “وخُتم بي النبيون” رواه مسلم. ويجب الإيمان بأن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم سيد ولد ءادم أجمعين، وهذا متفق عليه عند العلماء، وهو مأخوذ من حديث رواه الترمذي: “أنا سيد ولد ءادم يوم القيامة ولا فخر”، أي لا أقول ذلك افتخاراً إنما تحدثاً بنعمة الله
[57]- س: تكلم عن بعض الصفات الواجبة لأنبياء الله تعالى
ج: الله تعالى أرسل أنبياءه ليبلغوا الناس مصالح دينهم ودنياهم فهم قدوة للناس، ولذلك فإن الله تعالى جملهم بصفات حميدة وأخلاق حسنة منها: الصدق والأمانة والفطانة والشجاعة والعفة، قال تعالى بعد ذكر عدد منهم: { وكلاً فضلنا على العالمين } سورة الأنعام. فالأنبياء هم صفوة الخلق صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وقد قال صلى الله عليه وسلم: “ما بعث الله نبياً إلا حسن الوجه حسن الصوت، وإن نبيكم أحسنهم وجهاً وأحسنهم صوتاً” رواه الترمذي
[58]- س: تكلم عن بعض ما لا يجوز على أنبياء الله من الصفات
ج: لما كان الأنبياء قدوة للناس وقد جملهم الله بالصفات الحميدة، فإنه كذلك عصمهم ونزههم عن الصفات الذميمة، فلا يجوز على أنبياء الله الكذب والخيانة والرذالة والسفاهة والبلادة، كما أنهم معصومون من الكفر والكبائر وصغائر الخسة قبل النبوة وبعدها، ويمكن أن يرتكب الواحد منهم معصية صغيرة ليس فيها خسة ودنائة، لكن ينبهون فوراً للتوبة قبل أن يقتدي بهم فيها غيرهم
[59]- س: قال تعالى حكاية عن نبي الله إبراهيم: { بل فعله كبيرهم هذا فسْألوهم إن كانوا ينطقون } سورة الأنبياء فما معنى ذلك؟
ج: لا شك أن الأنبياء منزهون عن الكذب، والوارد في هذه الآية من أمر إبراهيم ليس كذباً حقيقياً بل هو صدق من حيث الباطن والحقيقة، لأن كبيرهم هو الذي حمله على الفتك بالأصنام الأخرى من شدة اغتياظه منه لمبالغتهم في تعظيمه بتجميل صورته وهيئته، فيكون إسناد الفعل إلى الكبير إسناداً مجازياً، فلا كذب في ذلك
[60]- س: ما معنى قول إبراهيم عن الكوكب حين رآه { هذا ربي } سورة الأنعام؟
ج: الأنبياء معصومون من الكفر قبل النبوة وبعدها، فقول إبراهيم عن الكوكب حين رآه { هذا ربي } هو على تقدير الإستفهام الإنكاري، فكأنه قال: أهذا ربي كما تزعمون، أما إبراهيم فكان يعلم قبل ذلك أن الربوبية لا تكون إلا لله، قال تعالى: { ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين } سورة ءال عمران
[61]- س: قال تعالى إخباراً عن يوسف: { ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربه } سورة يوسف. ما معنى { وهمّ بها } ؟
ج: أحسن ما قيل في تفسير { وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربه } أن جواب لولا محذوف يدل عليه ما قبله أي لولا أن رأى برهان ربه لهمّ بها، فلم يحصل منه همّ للزنى لأن الله أراه برهانه. وقال بعض المفسرين من أهل الحق إن معنى وهمّ بها أي همّ بدفعها. ومعنى { لولا أن رأى برهان ربه } أن الله أعلمه البرهان أنك يا يوسف لو دفعتها لقالت لزوجها دفعني ليجبرني على الفاحشة، فلم يدفعها بل أدار لها ظهره ذاهباً فشقت قميصه من خلف، فكان الدليل عليها. أما ما يروى من أن يوسف همّ بالزنى وأنه حل إزاره وجلس منها مجلس الرجل من زوجته فإن هذا باطل لا يليق بنبي من أنبياء الله تعالى، قال الله تعالى في براءة يوسف: { قالتِ امرأةُ العزيزِ اْلآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين } سورة يوسف
[62]- س: قال تعالى حكاية عن أحد الخصمين اللذين اختصما إلى داود: { إن هذا أخي له تسعٌ وتسعونَ نعجةً وليَ نعجةٌ واحدةٌ فقال أكْفلنيها وعَزَّنىِ في الخطاب } سورة ص، ما المراد بالنعاج في هذه الآية؟
ج: قد تكني العرب بالنعاج عن النساء، لكن لا يجوز تفسير النعاج في هذه الآية بالنساء كما فعل بعض المفسرين، فقد أساءوا بتفسيرهم لهذه الآية بما هو مشهور من أن داود كان له تسع وتسعون امرأة، وأن قائداً كان له واحدة جميلة فأعجب بها داود، فأرسل هذا القائد إلى المعركة ليموت فيها ويتزوجها هو من بعده، فهذا فاسد لأنه لا يليق ما ذكر فيه بنبي من أنبياء الله، قال الإمام ابن الجوزي في تفسيره بعد ذكر هذه القصة المكذوبة عن سيدنا داود: وهذا لا يصح من طريق النقل ولا يجوز من حيث المعنى، لأن الأنبياء منزهون عنه، وأما استغفار داود ربه، فهذا لأنه حكم بين الإثنين بسماعه من أحدهما قبل أن يسمع من الآخر
-| باب الردة |-
[63]- س: ما هي الردة وإلى كم قسم تقسم؟
ج: الردة هي قطع الإسلام، وهي ثلاثة أقسام كما قسمها النووي وغيره من شافعية وحنفية وغيرهم: اعتقادات وأفعال وأقوال
[64]- س: اذكر دليلاً من الحديث على أنه لا يُشترط للوقوع في الكفر معرفة الحكم
ج: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن العبد ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأساً يهوي بها في النار سبعين خريفاً”، أي مسافة سبعين عاماً في النزول، وذلك منتهى جهنم، وهو خاص بالكفار، والحديث رواه الترمذي وحسنه، وفي معناه حديث رواه البخاري ومسلم وهو: “إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يهوي بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب”، قال الحافظ ابن حجر في شرحه على البخاري في تفسيره الحديث المذكور: “وذلك ما كان فيه استخفاف بالله أو بشريعته” وهذان الحديثان دليل على أنه لا يشترط للوقوع في الكفر معرفة الحكم ولا انشراح الصدر ولا اعتقاد معنى اللفظ كما يقول صاحب كتاب فقه السنة، فإنه اشترط ذلك وهو شرط فاسد
[65]- س: أذكر دليلاً من القرآن على أن الإستخفاف بالله ورسوله كفر
ج: قال تعالى: { ولئن سألتهم ليقولُنّ إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وءاياته ورسوله كنتم تستهزءون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم } سورة التوبة
[66]- س: أذكر واحدا ً من العلماء ممن نقلوا الإجماع على تكفير ساب الله
ج: قال الإمام القاضي عياض اليحصبي في كتاب الشفا: “لا خلاف أن ساب الله من المسلمين كافر”
[67]- س: أذكر واحداً من العلماء ممن نقلوا الإجماع على تكفير من تلفظ بلفظ كفري او فعل فعلاً كفرياً
ج: قال تاج الدين السبكي في مقدمة الطبقات: لا خلاف عند الأشعري وأصحابه بل وسائر المسلمين أن من تلفظ بالكفر أو فعل أفعال الكفار أنه كافر بالله العظيم مخلد في النار وإن عرف قلبه، وأنه لا تنفعه المعرفة مع العناد ولا تغني عنه شيئاً، لا يختلف مسلمان في ذلك”
[68]- س: ما حكم من أنكر ما علم من الدين بالضرورة؟
ج: من أنكر ما علم علماً ظاهراً يشترك في معرفته العلماء والعامة من المسلمين كفر، إلا أن يكون نحو حديث عهد بإسلام أو نشأ في بادية بعيدة عن العلماء، شرط أن يكون غير عالم بأن هذا من دين الإسلام، وشرط أن يكون هذا الأمر غير نحو تنزيه الله عن الشبيه وعن المكان
[69]- س: إلى كم قسم قسّم العلماء اللفظ وبيّن معنى ذلك؟
ج: قسّم العلماء اللفظ إلى ظاهر وصريح، فالظاهر ما كان له بحسب وضع اللغة وجهان فأكثر ولكنه إلى بعض الوجوه أقرب. فمن تكلم بلفظ ظاهر في الكفر لا يحكم بكفره حتى يتبين مراده. وأما الصريح فهو الذي لا يقبل التأويل. فمن تكلم بلفظ صريح في الكفر كفَر، ولا يُسأل عن مراده ولا يُقبل له تأويل، إلا أن يكون لا يعرف ذلك المعنى الصريح بل يظن أن معناه غير ذلك، فإن هذا اللفظ بالنسبة إليه ليس له حكم الصريح
[70]- س: ماذا يجب على من وقعت منه ردة؟
ج: يجب على من وقعت منه الردة العود فوراً الى الاسلام بالنطق بالشهادتين والاقلاع عما وقعت به الردة ويجب عليه الندم والعزم على ان لا يعود لمثله
[71]- س: أذكر بعض الأحكام التي تتعلق بالردة؟
ج: من الأحكام التي تتعلق بالمرتد أن صيامه يبطل وكذا تيممه ونكاحه قبل الدخول وإن رجع إلى الإسلام، أما بعد الدخول فإن رجع إلى الإسلام قبل انتهاء العدة تعود له زوجته من غير أن يُشترط تجديد عقد النكاح. وكذلك نكاح المرتد لا يصح على مسلمة ولا يهودية ولا نصرانية ولا غيرهنّ، ويحرم أكل ذبيحته، ولا يرث ولا يورث، ولا تجوز الصلاة عليه، ولا يجب غسله، ولا يجب تكفينه، ولا يجوز دفنه في مقابر المسلمين، ومالُه فيء أي يصرف في مصالح المسلمين
[72]- س: تكلم عن أداء الفرائض وعلى من يجب؟
ج: يجب على كل مكلف أداء جميع ما أوجبه الله عليه من صلاة وصيام وزكاة وحج وغير ذلك، ويجب عليه أن يؤديه على ما أمره الله به من الإتيان بأركانه وشروطه، ويجتنب مبطلاته، فلا يكفي مجرد القيام بصور الأعمال، قال صلى الله عليه وسلم: “رُبّ قائم ليس له من قيامه إلا السهر، ورُبّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش” رواه ابن حبان
[73]- س: من كان تاركاً لشيء من الفرائض ماذا يجب تجاهه؟
ج: يجب على من رأى تارك شيء مما افترض الله أو يأتي به على غير وجهه، أن يأمره بالإتيان به على الوجه الذي يصح به، ويجب عليه قهره على ذلك إن قدر عليه، وإلا وجب عليه الإنكار بقلبه إن عجز عن القهر والأمر، وذلك أضعف الإيمان، أي أقل ما يلزم الإنسان عند العجز
[74]- س: تكلم عن اجتناب المحرمات؟
ج: يجب على كل مكلف ترك جميع المحرمات ونهي مرتكبها ومنعه قهراً منها إن قدر عليه وإلا وجب عليه أن ينكر ذلك بقلبه
ويشترط في النهي عن الحرام أن لا يؤدي إلى منكر أعظم من ذلك المنكر، وإلا فلا يجوز لأنه يكون عدولاً عن الفساد إلى الأفسد
قال عليه الصلاة والسلام: “من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان” رواه مسلم
[75]- س: ما هو الحرام وما هو الواجب؟
ج: الحرام الذي فرض الله على عباده أن يجتنبوه وهو ما في ارتكابه عقاب وفي تركه ثواب، وعكسه الواجب
[76]- س: أعط بعض الأمثلة عن اعتقادات كفرية
ج: من دان بدين غير دين الإسلام، أو لم يصدق بآية في القرءان، أو لم يؤمن بنبي من الأنبياء المعلوم من الدين بالضرورة نبوته، أو اعتقد حلّ أمر حُرمتُه معلومة من الدين بالضرورة، أو اعتقد حرمة أمر حلُّه معلوم من الدين بالضرورة، أو شبّه الله بالمخلوقين كأن اعتقد المكان أو الجهة في الله، كفر كفراً اعتقادياً
[77]- س: أعط بعض الأمثلة عن أفعال كفرية
ج: الذي يرمي المصحف في القاذورات، أو يسجد لصنم أو لشمس، أو يفعل أي فعل أجمع المسلمون أنه لا يصدر إلا من كافر، فهو كافر كفراً فعلياً
[78]- س: أعط بعض الأمثلة عن أقوال كفرية
ج: الذي يشتم الله أو الرسول أو الدين الإسلامي أو الكعبة، أو يستخف بالجنة أو بوعيد الله الذي لا يخفى عليه نسبة ذلك إليه سبحانه، أو يستهزىء بالصلاة أو بالحج فهو كافر كفراً قولياً
والقاعدة: أن كل عقد ٍ أو فعلٍ أو قولٍ فيه استخفاف بالله أو ملائكته أو أنبيائه أو وعده أو وعيده أو شعائر دينه فهو كفر، فليحذر الإنسان من ذلك جهده على أي حال
[79]- س: اذكر قول عالم من العلماء المعتبرين بيّن أن الردة تنقسم إلى ثلاثة أقسام اعتقادات وأفعال وأقوال
ج: ذكر ذلك النووي في المنهاج وغيره كروضة الطالبين، قال في المنهاج: “الردة هي قطع الإسلام بنية أو قول كفر أو فعل سواء قاله استهزاء أو عناداً أو اعتقاداً”اهـ